لأن مدح رسول الله ملتزمي ... فيه مدح سواه ليس من لزمي1
هذا النوع الذي سماه قوم: الالتزام، ولزوم ما لا يلزم، ومنهم من سماه: الإعنات، والتضييق، وهو في الاصطلاح أن يلتزم الناثر في نثره، أو الناظم في نظمه، بحرف قبل حرف الروي أو بأكثرمن حرف، بالنسبة إلى قدرته مع عدم التكلف، وقد جاء في الكتاب العزيز في مواضع تجل عن الوصف، كقوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} 2 وكقوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ، وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} 3 ومثله قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ، وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} 4، وأما الشعراء فأبو العلاء كان أكثرهم في هذا النوع التزامًا، حتى إنه صنع كتابًا وسماه: "اللزوميات" جاء فيه بأشياء بديعة، إلا أن فيه من عثرات لسانه كثيرًا، كقوله:
ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة ... وحق لسكان البسيطة أن يبكوا
يحطمنا صرف الزمان كأننا ... زجاج ولكن لا يُعادُ لنا سبك
ومنه قوله:
لا تطلبن بآلة لك رفعة ... قلم البليغ بغير حظ مغزل
سكن السماكان السماء كلاهما ... هذا له رمح وهذا أعزل