بآلة، فلذلك كان تقديمه ملائمًا لمقصود الآية الشريفة، ثم ثنى بالأفضل فأتى بما يمشي على رجلين وهو الآدمي والطير لتمام خلق الإنسان وكمال صورته ولما في الطير من عجب الطيران الدال على الخفة مع ما فيه من الكثافة الأرضية، وثلّث بما يمشي على أربع؛ لأنه أحسن الحيوان البهيمي وأقواه، فتضمنت هذه الكلمات، التي هي بعض آية، عدة من المحاسن، وهي صحة التفسير وصحة التقسيم مع مراعاة الترتيب والإشارة وائتلاف اللفظ مع المعنى وحسن النسق. والفرق بين التفسير والإيضاح: أن التفسير تفصيل الإجمال، والإيضاح رفع الإشكال؛ لأن المفسر من الكلام لا يكون فيه إشكال.
وبيت صفي الدين على التفسير قوله:
هم النجوم بهم يهدى الأنام ... وينجاب الظلام ويهمي صيب الديم1
والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين الموصلي قوله:
ذكر الإمام وابنيه يفسره ... عليّ والحسنان أكرم بذكرهم
الشيخ عز الدين ما أفادنا في التفسير هنا شيئًا
وبيت بديعيتي أقول فيه، عن الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين:
وصحبه بالوجوه البيض يوم وغى ... كم فسروا من بدور في دجى الظلم
هذا هو التفسير الذي لا يستقل الفهم بمعرفة فحواه، في الشطر الأول من البيت، إلا بتفسيره من الشطر الثاني على الترتيب. وأما ذكر الإمام عليّ -كرّم الله وجهه- وذكر ولديه -رضي الله عنهما- في بيت الشيخ عز الدين -رحمه الله- فإنه غير محتاج إلى تفسير والله أعلم.