وبلا أول يرى فعل أمر ... واقلب الفعل منه فالأمر حاصل
وهو خشب مسندات ولكن ... حاز نجلًا يبدو رقيق الغلائل1
ومن العز جسمه الغض يدمى ... وتراه من بعد ذا وهو ذابل
وإذا ما فرطت فيه تراه ... لم يحل عنك وهو نعم الخصائل
ذو بياض وحمرة ولّدا لي ... فرحًا راح ساريًا في المفاصل
فتراه يومًا عقود بلخش ... نظمت سلكها بغير أنامل2
وتراه يبدو عقود جمان ... ما لها غير ثغر حبي مماثل
وتراه طورًا سلافة راح ... ولدر الحباب فيه حواصل3
وعلى عوده يغني علينا ... أعجمي به تهيج البلابل
لك منه فواكه وشراب ... كل غض إليك تلقاه واصل
وحلاواته بها كل قلب ... كسروه والكسر للقلب حامل
وترى وصله بمصر قليلًا ... وهو بالشام لا يزال يواصل
وتراه بذات عرق مقيمًا ... في نعيم وظله غير زائل
وإذا قلت في المخيم بالغور ... رأيناك فيه أصدق قائل
ولقد جاءنا بعتب لطيف ... عند تصحيفه لمن هو هازل
كيف لا والكتاب عن جنتيه ... قد أتى مخبرًا بكل الفصائل
فتفكه من حله بقطوف ... دانيات لكل آت وراحل4
وأقم تحت ظله فهو لغز ... ظله ظاهر على كل قائل
ثم دم للألغاز في الحل والعقـ ... ـد غني إذا أتى اللغز سائل
قلت: ومما ألحقوه بالألغاز، ما حكي عن بعض ولاة الطوف ببغداد: جاءوا إليه بغلامين غلب عليهما السكر، فقال لأحدهما من أبوك؟ فقال:
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قِدْرُه ... وإن نزلت يومًا فسوف تعود 5
ترى الناس أفواجًا إلى ضوء ناره ... فمنهم قيام حولها وقعود