وتطارح الشيخ جمال الدين، والشيخ صلاح الدين قبلنا، في جانب كثير منها، ولكن الشيخ جمال الدين تنازل فيها إلى الغاية فقال:
رأى فرسي إصطبل عيسى فقال لي ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
وأما الشيخ صلاح الدين فإنه كتب إلى الشيخ جمال الدين، في معنى العتب المفرط:
أفي كل يوم منك عتب يسوؤني ... كجلمود صخر حطه السيل من عل
وترمي على طول المدى متجنيًا ... بسهميك في أعشار قلب مقتل1
فأمسى بليل طال جنح ظلامه ... عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
وأغدو كأن القلب من وقدة الجوى ... إذا جاش فيه حميه غلي مرجل2
تطير شظاياه بصدري كأنها ... بأرجائه القصوى أنابيش عنصل3
وسالت دموعي من همومي ولوعتي ... على النحر حتى بل دمعي محملي
إذا عاين الأخوان ما بي من الأسى ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل
ترفق ولا تجزع على فائت الوفا ... فما عند رسم دارس من معول
ولي فيك ود طال ما قد شددته ... بأمراس كتان إلى صم جندل4
ولي خطرات فيك منها جوانحي ... صبحن سلافًا من رحيق مفلفل
كأن أمانيها كئوس مدامة ... غذاها نمير الماء غير محلل5
سلوت غوايات الشبيبة والصبا ... وليس فؤادي عن هواها بمنسلي
وأجلو محيا الودّ فيك لأهله ... متي ما ترق العين فيه يسهل
فكر على جيش الجناية عائدًا ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل6
تجد خفرات الأنس منها كواعبًا ... ترائبها مصقولة كالسجنجل7