أخرى. وقال القاضي جلال الدين: الرجوع هو العود على الكلام السابق بالنقض، وكل من التقريرين لائق بالنوعين، وللمتأمل أن ينظر في ذلك ليحسن ذوقه.

وبيت الشيخ صفي الدين الحلي:

أطلتها ضمن تقصيري فقام بها ... عذري وهيهات إن العذر لم يقم

وبيت العميان:

قلوا ببدر ففلوا غرب شانئهم ... به وما قل جمع بالرسول حمي1

وبيت الشيخ عز الدين:

رمت الرجوع عن الأمداح أنظمها ... سوى مديح سديد القول محترم2

قلت: ليس في بيت الشيخ عز الدين رجوع، إلا عن حشمة الألفاظ وفخامتها في مديح النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن قوله: سديد القول، دون من أنزل الله القرآن في أوصافه.

ويعجبني قول ابن نباتة في لاميته:

ماذا عسى الشعراء اليوم مادحة ... من بعد ما مدحت حم تنزيل3

وأيضًا، فإنه كان يجب على الشيخ عز الدين أن يقول في النوع البديعي، الذي هو الرجوع: رجعت عن الأمداح، حتى يصح النقض في الشطر الثاني، وإنما قال: رمت، كأنه يرى أن يرجع. وعلى الجملة، فالبيت قاصر من كل وجه.

وبيت بديعيتي أشير فيه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بقولي:

وما لنا من رجوع عن حماة بلى ... لنا رجوع عن الأوطان والحشم

هذا البيت لم يحتج إلى إطلاق عنان القلم في ميادين الطروس، بوصف ما فيه من المحاسن، إذ في مدح أهل الذوق، من علماء هذا الفن، ما يغني عن ذلك والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015