وما لنا من رجوع عن حماة بلى ... لنا رجوع عن الأوطان والحشم1
هذا النوع، أعني الرجوع، ذكره ابن المعتز وأبو هلال العسكري، وسماه بعضهم استدراكًا واعتراضًا، وليس بصحيح. قال القاضي جلال الدين القزويني في "التلخيص والإيضاح": هو العود على الكلام بالنقض لنكتة، كقول زهير:
قف بالديار التي لم يعفها القدم ... بلى وغيرها الأرواح والديم2
والنكتة فيه، كأنه لما وقف بالديار عرته روعة ذهل بها عن رؤية ما حصل لها من التغير، فقال لم يعفها القدم، ثم رجع إلى عقله وتحقق ما هي عليه من الدروس، فقال بلى عفت، وعليه بيت الحماسة:
أليس قليلًا نظرة إن نظرتها ... إليك وكل ليس منك قليل
ويعجبني هنا قول أبي البيداء:
وما لي انتصار إن غدا الدهر جائرًا ... عليَّ بلى إن كان من عندك النصر
وأما من سَمّى هذا النوع استدراكًا واعتراضًا، فتسميته غير صحيحة، والذي أقول: إن هذا الرجوع لا فرق بين السلب والإيجاب، وقد تقدم قول أبي هلال العسكري: إن السلب والإيجاب هو أن يبني المتكلم كلامه على نفي شيء من جهة، وإثباته من جهة.