وبيت النعمان في بديعيتهم
غيثان أما الذي من فيض أنمله ... فدائم والذي للمزن لم يدم
وبيت الشيخ عز الدين:
تقسيمه الدهر يومًا أمسه كغد ... في الحلم والجود والإيفاء للذمم
قلت: قد تقدم شرح هذا النوع، وتقرر أن الاثنين في التقسيم لا يمكن أن يكون لهما ثالث، والثلاثة لا يجوز أن يكون لها رابع. وقد تقدم في الاثنين قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} 1 وليس في رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق والطمع في المطر. وتقدم في تقسيم الثلاثة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت". ولا رابع لهذه الثلاثة.
ورأيت باب الزيادة في بيت الشيخ عز الدين مفتوحًا، فإنه يحتمل الحلم والجود وإيفاء الذمم والشجاعة والصبر والقناعة والدين وهلم جرًا. وتقدم أن بيت صفي الدين الحلي مأخوذ من بيت عمرو بن الأهتم.
اشربا ما شربتما فهذيل ... من قتيل أو هارب أو أسير
فهذه الثلاثة لا تحتمل رابعًا.
وكذلك بيت صفي الدين، فإنه مأخوذ من هنا. وبيت بديعيتي أقول فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
هداه تقسيمه حالي به صلحت ... حيًّا وميتًا ومبعوثًا مع الأمم
وهذه الثلاثة أيضًا لا يمكن أن يكون لها رابع، وهذا النوع ليس في تحصيله على واضعه مشقة زائدة على حذاق الأدب، لا سيما مثل الشيخ عز الدين. والذي أقوله: إنه لم تضق عليه المسالك إلا بالتزام التورية في تسمية النوع، والله أعلم.