فمعنى صدر هذا البيت معنى بين القطامي بكماله، ومعنى عجزه نوع التذييل، وما تقدم ذكره، وهو مولد.

قال ابن أبي الأصبع في "تحرير التحبير": أغرب ما سمعت في التوليد قول بعض العجم:

كأن عذاره في الخد لام ... ومبسمه الشهي العذب صاد

وطرة شعره ليل بهيم ... فلا عجب إذا سرق الرقاد1

فإن هذا الشاعر ولد من تشبيه العذار باللام، وتشبيه الفم بالصاد لصًّا، وولد من معناه ومعنى تشبيه الطرة بالليل ذكر سرقة النوم، فحصل في البيت توليد وإغراب وإدماج. وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته على هذا النوع.

من سبّق لا يرى سوط لها سملا ... ولا جديد من الأرسان واللجم2

بيت صفي الدين هنا غير صالح للتجريد، وقد تكرر عليه هذا النقد في كثير من الأبيات، فإن بيته لم يظهر له معنى إن لم ينشد البيت الذي قبله، وهذا العيب سماه علماء هذا الفن التضمين، ويأتي الكلام عليه في موضعه، ولكن هو أقبح ما يكون في البديعيات؛ لأن المراد من بيت البديعيات أن يكون بمجرده شاهدًا على النوع المذكور، ليس له تعلق بما قبله ولا بما بعده.

وبيت صفي الدين مولد من قول أبي عبد الله بن الحجاج:

خرقت صفوفهم بأقب نهد ... مراح السوط متعوب العنان3

والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين:

ما لي بتوليد مدحي في سواه هدى ... لمعشر شبهوا الهندي بالجلم4

وبيت عز الدين هنا صالح للتجريد، فإن ضميره عائد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015