ن اعتدى فبعدوان يشاكله ... لحكمة هو فيها خير منتقم
المشاكلة: في اللغة هي المماثلة، والذي تحرر في المصطلح، عند علماء هذا الفن، أن المشاكلة هي ذكر الشيء بغير لفظه، لوقوعه في صحبته، كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} 1، فالجزاء عن السيئة في الحقيقة، غير سيئة، والأصل: وجزاء سيئة عقوبة مثلها، ومثله قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} 2 والأصل: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما عندك، فإن الحق، تعالى وتقدس، لا يستعمل في حقه لفظ النفس، إلا أنها استعملت هنا مشاكلة لما تقدم من لفظ النفس، ومنه قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} 3 والأصل: أخذهم بمكرهم، ومنه قوله تعالي: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} 4 أي: فعاقبوه، فعدل عن هذا لأجل المشاكلة اللفظية.
وفي الحديث، قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن الله لا يمل حتى تملوا". الأصل: فإن الله لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا عن مسألته، فوضع لا يمل موضع لا يقطع الثواب، على جهة المشاكلة، وهو مما وقع فيه لفظ المشاكلة أولًا.
ومنه قول عمرو بن كلثوم في معلقته:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا