وساق من بني الأتراك طفل ... آتيه به على جمع الرقاق1
أملكه قيادي وهو رقي ... وأفديه بعيني وهو ساقي2
قلت: لا شك أن مراده بالمعنى الواحد من التورية ساقي الراح، وهو ظاهر صحيح، وبالمعنى الآخر أن يكون هذا الساقي ساقًا للشيخ صفي الدين، وهو غير ممكن ولعمري إن هذا مسلك من ليس له في باب التورية مدخل، وهذه النكتة أبرزتها معلمة الطرفين، وأنا إذ ذاك مبتدئ لم أبلغ من البلاغة أشدي، ولا ثبت عند قضاة الأدب رشدي، بقولي موريًا ومضمنًا:
يا حسن ساق يقول إن ذهبت ... مدامكم تكيفوا بأحداقي
شمر عن ساقه لنا وسقى ... قامت حروب الهوى على ساق
قلت: ومما عقده الشيخ صفي الدين، في هذا الباب، بيت بديعيته الذي نظمه شاهدًا على هذا النوع، وهو قوله في مدح النبي، صلى الله عليه وسلم:
خير النبيين والبرهان متضح ... في الحجر عقلًا ونقلًا واضح اللقم3
قلت: ومن تواريه التي يستشهد بها على رفضه، ولا بد أن الله تعالى يقابله فيها على قبح سريرته وقلة أدبه، قوله:
إذا شاهدت عيناك وجه معذبي ... وقد زارني بعد القطيعة والهجر
رأيت بقلبي من تلقيه مرحبًا ... وسيف عليَّ في لحاظ أبي بكر
وكذلك الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جابر الأندلسي، ناظم البديعية، كان عن نظم التورية بمعزل، ولم ترض أن تنزل من أبياته بمنزل، وبيت نظمه في بديعيته، شاهدًا على هذا النوع، في غاية العقادة والسفالة، وهو قوله:
لا يرفع العين للراجين يمنحهم ... بل يخفض الرأس قولًا هاك فاحتكم
وهذه البديعية غالبها سافل على هذا النمط، والتورية تجل عن أن تكون من مخدرات هذا البيت. ولكن أورد له الشيخ أبو جعفر، في شرحه الذي كتبه على بديعيته، ما هو منقول في هذا الباب، وهو قوله: