أخذه الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:

ألا فاسقني من خمرة لَذّ طعمها ... بفيك ولا تبخل وقل لي هي الخمر1

وحط لثامًا حجب اللثم عن فمي ... فلا خير في اللذات من دونها ستر

قلت: قد أوردت هنا ما جناه الشيخ صلاح الدين الصفدي، من حدائق الروض النباتي، ومقابلة الشيخ جمال الدين له على ما جناه: فإن نسبني أحد إلى تحامل، راجعته إلى النقل، وإن وافق وتعقل الرتبتين فقد اكتفى بشاهد العقل، وإلا فالأقسماء الصفدية بالنسبة إلى القطر النباتي تمجها الأذواق، وها أنا قد أبرزت ثمرات الدوحتين بين هذه الأوراق، والشيخ صلاح الدين -رحمه الله- تصاغر لذلك وما كابر، ووقف على باب الشيخ وقوف فقير يسأل بر الإجازة، وطال وقوفه على ذلك الباب العالي إلى أن حصل له الفتوح وأجازه2. وها أنا أذكر سؤال هذا السائل الذي ودَّ قبل العطاء أن يدفع بالتي هي أحسن، وأشرح كرم المسئول الذي نثر على سائله الدر جزافًا علمًا بأن عطاء الكريم لا يوزن. فسؤال الإجازة من الشيخ صلاح الدين، قوله يخاطب الشيخ جمال الدين بن نباتة، رحمهما الله تعالى: الحمد لله على نعمائه، المسئول من إحسان سيدنا الشيخ الإمام العالم العلامة، رحلة أهل الأدب. قبلة ذوي التحصين في التحصيل والدأب، الذي تبيت شوارد المعاني صرعى تخوله للطافة تخيله، وتمسي الألفاظ العذبة طوع تحوله في التركيب وتحيله، فأمسى وله النسيب الذي يضحك من العباس3 في رقته. ويقيم صريع الغواني4 إلى مقته بعد مقته، والغزل الذي يشيب له فؤاد الوليد، ويسترق الحر من كلام عبيد، والتشبيه الذي لو علمه ابن المعتز لما نصب الهلال فخًا لصيد النجوم، ولو تعاطاه حفيد جريح لقيل له ألم تسمع: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} ، والمديح الذي لو بلغ زهيرًا لقال ما أنا من هذه الحدائق، أو اتصل نبؤه بالمتنبي لاشتغل عن ذكر العذيب وبارق5، والرثاء الذي نقص عنده أبو تمام بعد أن رفع له لواء الشرف والفخر. وقال هذه عذوبة الزلال لا ما تفجر من الخنساء على صخر، والترسل الذي سقى الفاضل كأس الحتوف، لما شبه الغمود بالكمائم والسيوف بالأزهار، وأذهله حتى صحت له القسمة في الخيل والخيال، بين المراقب والمرافد، فأخطأت معه في المرابع والمساجد بين الأنواء والأنوار، والكتابة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015