وممن أحيا ما درس من رسوم التورية القاضي محيي الدين بن قرناص الحموي، تغمده الله برحمته. فمن نكته اللطيفة قوله:
سقيا له روضًا قدود غصونه ... تختال في الأبراد من أوراقها1
جنت به ورق الحمام صبابة ... أو ما ترى الأغلال في أعناقها
ومن لطائف قوله:
مال القضيب بروضة من سكره ... لما سقاه عقاره أدرار2
حتى إذا سرق النسيم دراهمًا ... من كمه صاحت به الأطيار
ومثله قوله:
مذ أتينا نبغي زيارة دوح ... قد حبانا بالجود والإكرام
ناولتنا أيدي الغصون ثمارًا ... أخرجتها لنا من الأكمام
ومثله قوله، وتلطف ما شاء في جمعه بين الاستعارة البديعة والتورية.
قد أتينا الرياض حين تجلت ... وتحلت من الندى بجمان
ورأينا خواتم الزهر لما ... سقطت من أنامل الأغصان
ومنه قوله:
ورب نهر له عيون ... تحار في وصفه العيون
لما غدا الريق منه عذبًا ... مالت إلى رشفه الغصون
ومنه قوله:
أيا حسنها روضة قد غدا ... جنوني فنونًا بأفنانها3
أتى السماء فيها على رأسه ... لتقبيل أقدام أغصانها
ومنه قوله:
تثنى الغصن إعراضًا وعجبًا ... على نهر يذوب أسى عليه
فرق له النسيم وجاء يسعى ... ملاطفة وميله إليه