ومنه قوله، وهو من الاختراعات اللطيفة:
حبيبي وعدت الكاس منك بقبلة ... وأعقب ذاك الوعد منك نفار1
وما كان هذا لونها غير أنها ... علاها لطول الانتظار صفار
ومن هنا أخذ الشيخ بدر الدين بن الصاحب فقال:
يا حابس للكأس لا تزدها ... من بعد حبس الدنان حسره2
واغنم مزاجًا لها لطيفًا ... أورثه الانتظار صفره
ومن نكته الغريبة البديعة قوله:
مما رأت عيني مناطقك التي ... أضحت بشعرك دائمًا تتعلق
لا تستقر وقد علتها صفرة ... ونحول جسم بالصبابة ينطق
أيقنت أن الخصر ضاع نحافة ... فلذا تدور جوى عليه وتقلق
ومن هنا أخذ الشيخ صلاح الدين الصفدي وقال:
وشاح من أحببته قال لي ... وهو الذي في قوله قد صدق
قد ضاع مني الخصر لما انثنى ... أما تراني دائرًا في قلق
وقال في شخص اسمه عثمان يهدده بالهجو:
توعدت يا عثمان بالهجو شاعرًا ... سيوليك هجوًا عاره ليس ينجلي
فخذها قصيدًا قد أتت من محمد ... كجلمود صخر حطه السيل من عل
وممن أبدر في أفق التورية ونظم عقود لآلئها بدر الدين يوسف بن لؤلؤ الذهبي، فمن لآلئ عقوده قوله:
صدوا وقد دب العذار بخده ... ما ضرهم لو أنهم خبروه
هل ذاك غير نبات خد قد حلا ... لكنهم لما حلا هجروه
ومنه قوله:
عرج على الزهر يا نديمي ... ومل إلى ظله الظليل
فالروض يلقاك بابتسام ... والريح تلقاك بالقبول