يا قلب كم خلفت ثم بثينة ... وأظن صبرًا أن يكون جميلا1
ومنه قوله وأجاد إلى الغاية
وقائل وثب الأعداء قلت له ... كما الفراش على نيرانه يثب
فإن ثوب الذي عاداكم كفن ... كما بيوت الذي عاصاكم ترب2
بلغتموهم مناهم في ترفعهم ... والقوم ما ارتفعوا إلا وقد صلبوا
هل السيوف عيون في الجفون لكم ... فإنها لقراب البغي ترتقب3
ومن نثره، في هذا الباب، قوله في يوم شديد المطر والبرد: والخادم في رأس جبل يتلقى الرحمة غضة قبل أن يبتذلها الناس، ويصافح الرياح عاصفة قبل أن تقتسمها الأنفاس، ويتلقى الرعد بالرعدة4، وإذا السماء انشقت استصحاها المملوك بالسجدة5.
وقد تقدم القول إن ممن أخذ عنه ونهل من موارده العذبة، القاضي السعيد ابن سنا الملك فمن نظمه في هذا الباب قوله:
أما والله لولا خوف سخطك ... لهان عليّ ما ألقى برهطك6
ملكت الخافقين فتهت عجبًا ... وليس هما سوى قلبي وقرطك7
ومنه قوله أيضًا:
وفي الحي من صيرتها نصب خاطري ... فما آذنت في نازل الشوق بمرفع
تتيه بفر منه أصل بليتي ... ولم أر أصلًا قط يسعى إلى فرع
ومنه قوله:
ليس إلا دمعي الذي من رأي جفـ ... ـني رآه كأن دمعي هدبي
أنجم الدمع لا تغيب شروقًا ... مع أني رأيتها في الغرب