ذكر نفي الشيء بإيجابه

لا ينتفي الخير من إيجابه أبدا ... ولا يشين العطا بالمن والسأم1

نفي الشيء بإيجابه، هو أن يثبت المتكلم شيئًا في ظاهر كلامه، وينفي ما هو من سببه مجازًا، والمنفي في باطن الكلام حقيقة هو الذي أثبته، كقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} 2 فإن ظاهر الكلام نفي الذي يطاع من الشفعاء، والمراد نفي الشفيع مطلقًا، وكقوله تعالى: {لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} 3 فإن ظاهر الكلام نفي الإلحاف في المسألة، والباطن نفي المسألة بتة، وعليه إجماع المفسرين.

وذكر ابن أبي الأصبع، في كتابه المسمى: "بتحرير التحبير" أنه منقول عن ابن عباس، رضي الله عنهما. وهذا هو الحد الذي قرره ابن رشيق، في العمدة، فإنه قال: نفي الشيء بإيجابه إذا تأملته وجدت باطنه نفيًا وظاهره إيجابًا واستشهد عليه بقول زهير:

بأرض خلاء لا يسد وصيدها ... عليَّ ومعروفي بها غير منكر4

قأثبت لها في الظاهر وصيدًا، ومراده في الباطن أن ليس لها وصيد فيسد.

وألطف ما رأيت، من شواهد هذا النوع، أعنى نفي الشيء بإيجابه، قول مسلم بن الوليد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015