ومذهبي في كلامي أنَّ بعثته ... لو لم تكن ما تميزنا على الأمم
المذهب الكلامي نوع كبير نسبت تسميته إلى الجاحظ وهو في الاصطلاح: أن يأتي البليغ على صحة دعواه، وإبطال دعوى خصمه، بحجة قاطعة عقلية تصح نسبتها إلى علم الكلام، إذ علم الكلام عبارة عن إثبات أصول الدين بالبراهين العقلية القاطعة.
وقيل: إن ابن المعتز قال: لا أعلم ذلك في القرآن، أعني المذهب الكلامي، وليس عدم علمه مانعًا علم غيره، ولم يستشهد على المذهب الكلامي بأعظم من شواهد القرآن، وأوضح الأدلة في شواهد هذا النوع، وأبلغها قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} 1. هذا دليل قاطع على وحدانيته جل جلاله، وتمام الدليل أن تقول: لكنهما لم تفسدا فليس فيهما آلهة غير الله. ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكتيم كثيرًا" وتمام الدليل أن يقال لكنكم ضحكتم كثيرًا وبكيتم قليلًا، فلم تلعموا ما أعلم، فهذان قياسان شرطيان من كلام الله وكلام نبيه عليه الصلاة والسلام، ومثله قول مالك بن المرجل الأندلسي:
لو يكون الحب وصلًا كله ... لم تكن غايته إلا الملل
أو يكون الحب هجرًا كله ... لم تكن غايته إلا الأجل
إنما الوصل كمثل الماء لا ... يستطاب الماء إلا بالعلل2
فالبيتان الأولان قياس شرطي، والثالث قياس فقهي، فإنه قاس الوصل على الماء،