وبيت الشيخ صفي الدين الحلي فيه:

أنا المفرط أطلعت العدوّ على ... سري وأودعت نفسي كف مجترم1

الشيخ صفي الدين حكى أنه فرَّط في اطلاع عدوه على سره، وإيداع نفسه كف مجترم لا غير، وأين هو من قول شاعر الحماسة، وقد قال لنفسه على سبيل العتب والتوبيخ: لك الويل ما هذا التجلد والصبر.

والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين الموصلي:

عتبت نفسي إذ أتبعتها بهوى ... مجهول سبل بلادها دولا علم2

الشيخ عز الدين حكى أيضًا أنه عاتب نفسه، وذكر أنه هو الذي أتعبها وكلفها حمل الهوى، فالعتاب هنا من كل وجه لم يترتب على غيره، وما مقدار هذا النوع حتى إن الشاعر لم يأت به على صيغته، لا سيما ونظام البديعيات قد التزموا أن ياتوا به شاهدًا على نوعه. وبيت بديعيتي:

يا نفس ذوقي عتابي قد دنا من أجلي ... مني ولم تقطعي آمال وصلهم

أقول: إن هذ البيت ينظر إلى بيت شاعر الحماسة في علو طباقه، وإن كان من الفحول التي لها فضيلة السبق، فقد زاحمه في حلبة سباقه، مع أن عروس التسمية يضوع عطرها من أطواق الطروس، يقول مزكوم الذوق وقد عاد له الشم: لا عطر بعد عروس، وأين هذا النشر الواضح، والرقة التي ود النسيم لو انتظم معها وانسجم، من عقادة بيت الشيخ عز الدين، وقد أمسى بها مجهولًا بلا هاد ولا علم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015