بديعية هو الشاعر العباسي مسلم بن الوليد، المعروف بصريع الغواني، الذي "وضع مصطلحات لبعض الصور البيانية والمحسنات اللفظية، من مثل الجناس والطباق".
ونذكر أن أبا عثمان عمرو بن بحر الجاحظ توسع قليلًا في ذكر البديع، دون أن يصضع، في كتابه "البيان والتبيين" تعريفات أو مصطلحات، بل بقي البديع عنده يعني الصور والمحسنات اللفظية والمعنوية معًا.
وتبدأ علوم البلاغة بالاستقلال، بعضه عن البعض الآخر، أيام الخليفة ابن المعتز الذي ألف "كتاب البديع" فكان، بحق، مؤسسا لما يعرف اليوم بهذا الاسم.
وجاء بعده قدامة بن جعفر، في كتابه "نقد الشعر" ليزيد علم البديع توضيحًا، وليضيف إلى مصطلحاته وفنونه جديدًا، فليقتي مع ابن المعتز في خمسة محسنات بديعية، كان هذا الأخير قد عرفها، مع اختلاف في التسمية، ويزيد قدامة إليها تسعة محسنات جديدة لم يذكرها ابن المعتز.
وبعد قدامة، نلتقي بأبي هلال العسكري، في كتابه "الصناعتين" "الشعر والنثر" الذي عقد فيه بابًا خاصًّا "لشرح البديع والإبانة عن وجوهه وحصر أبوابه وفنونه".
وإذا كان ابن المعتز قد توصل إلى معرفة ثمانية عشر نوعًا من أنواع البديع، زاد عليها قدامة تسعة أنواع، فإن أبا هلال العسكري قد بلغ بها واحدًا وأربعين نوعًا، أي بزيادة أربعة عشر نوعا على ما كان عرف قبله.
وفي القرن الخامس الهجري، تزداد علوم البلاغة استقلالًا وتحديدًا، إذ يبدو، من خلال بعض المؤلفات في هذا القرن، أنه بدأ يستقر في الأذهان أن البيان شيء، والبديع شيء آخر.
فقد أورد ابن رشيق القيرواني، في كتابه الشهير "العمدة" أبوابا خاصة لمباحث علم البيان، وأخرى تهتم بدراسة علم البديع. وقد ذكر فيه تسعة وعشرين نوعا من أنواع البديع، منها تسعة أبواب لم يسبقه إليها غيره ممن تقدموه في هذا المضمار. وبذلك يصبح عدد الأنواع البديعية المعروفة إلى أيامه، خمسين نوعًا.
ويعتبر عبد القاهر الجرجاني، في هذا القرن "الخامس الهجري" واضع علم المعاني، في كتابه دلائل الإعجاز. كما أنه يعد منظر علم البيان، في كتاب أسرار البلاغة دون أن يحاول وضع نظرية لعلم البديع؛ وإن كان قد تكلم عن أنواع منه، بقدر اتصالها بعلم البيان فقط.