وبنو الأباطح والمشاعر والصفا ... والركن والبيت العتيق وزمزم1
هذا الناظم أحسن في مراعاة النظير، وأتى في البيت الأول بحسن المناسبة، بين أسماء السور، وفي الثاني بحسن المناسبة بين الجهات الحجازية. انتهى.
ويعجبني قول السلامي في هذا الباب:
والنقع ثوب بالسيوف مطرز ... والأرض فرش بالجياد محمل2
وسطور خيلك إنما ألفاتها ... سمر تنقط بالدماء وتشكل3
فإنه ناسب بين الثوب والتطريز وبين الفرش والحمل وبين السطور والألفات والنقط والشكل، ومثله قول أبي العلاء المعري:
دع اليراع لقوم يفخرون بها ... وبالطول الردينيات فافتخر
فهن أقلامك اللاتي إذا كتبت ... مجدًا أتت بمداد من دم هدر
فأبو العلاء أيضًا ناسب بين الأقلام والكتابة والمداد.
وغاية الغايات في هذا الباب، قول بديع الزمان الهمذاني، من قصيدة يصف فيها طول السرى:
لك الله من ليل أجوب جيوبه ... كأني في عين الردى أبدًا كحل
كأن السرى ساق كأن الكرى طلا ... كأنا له شرب كأن المنى نقل
كأنا جياع والمطيّ لنا فم ... كأن الفلا زاد كأن السرى أكل
كأن ينابيع الثرى ثدي مرضع ... وفي حجرها مني ومن ناقتي طفل
كأنا على أرجوحة في مسيرنا ... لغور بنا تهوي ونجد بنا تعلو4