وكتب الشيخ برهان الدين القيراطي لنور الدين ابن حجر، والد قاضي القضاة شهاب الدين:
مولاي نور الدين ضيفك لم يزل ... يروي مكارمك الصحيحة عن عطا1
صدقت قطايفك الكبار حلاوة ... بفمي وليس بمنكر صدق القطا2
انتهى ما أوردته من هذا النوع الغريب.
وبيت صفي الدين:
قالوا ألم تدر أن الحب غايته ... سلب الخواطر والألباب قلت لم3
بيت صفي الدين، هنا شاهد على الاكتفاء بجميع الكلمة، ولكن لم ترض التورية أن تكون له سكنًا لشدة برده.
وعجبت للشيخ صفي الدين كيف استحسن هذا البيت، ونظمه في سلك أبيات بديعيته، مع ما فيه من الركة والنظم السافل، وقرر موضع الاكتفاء بلفظة لم، هذا مع أنه غير مكلف بتسمية النوع ولا ملتفت إلى تورية.
والعميان لم ينظموا هذا النوع. وبيت الشيخ عز الدين شاهد على النوعين، مع التزامه بالتورية، في تسمية النوع البديعي، واستجلاب الرقة ولطف المعنى، وهو:
وما اكتفى الحب كسف الشمس منه إذًا ... حتى انثنى يخجل الأغصان حين تمي4
فشاهد الكل قوله: إذا، المعروف أن بعده بدا، لما تقدم من ذكر كسف الشمس، وشاهد البعض قوله: حين تمي، فدل حرف الكلمة أنها تميل أو تميس.
وبيت بديعيتي شاهد على الاكتفاء بالبعض، بزيادة التورية التي تتوارى من حسنها بهجة الشموس، مع سلامة الوزن في طرق الاكتفاء على مذهب الجماعة، كما تقدم.
وأما التورية بتسمية النوع فهي محصول الحاصل، إذ لا بد منها، وبيتي:
لما اكتفى خده القاني بحمرته ... قال العواذل بغضا إنه لدمي5