وأنشدني المقرّ المجدي بن مكانس لنفسه

نزل الطل بكرة ... وسروري تجددا

والندامى تجمعوا ... فأجل كأسي على الندا1

ومنه قول ابن حجر:

دع يا عذول رقى الملام فقد سرى ... عني الحبيب فتبت دام لك البقا

والطرف من فقد الرقاد بكى بما ... يحكي الغمام فليس يهدي بالرقا2

وأنشدني من لفظه لنفسه قاضي القضاة صدر الدين بن الآدمي الحنفي، وأنا بين يديه بدمشق المحروسة، ورياحين الشبيبة غضة، بيتين فيهما الاكتفاء بالبعض والتورية في القافيتين، مع عدم الخروج عن الوزن في البيتين إذا قصد شق التورية الثاني، وهذا الباب عزيز الوقوع جدًّا وسبكه في هذا القالب من غير تمويه ينطلي على الحاذق في صناعة الكلام، هذا مع الاتفاق البديعي وحسن المطابقة، ولم أذكر الاتفاق إلا أن الذي كتب إليه القاضي صدر الدين البيتين مشهور بالحسن والأدب، وصحبته المشار إليه وهو غرس الدين خليل بن بشارة وهما:

يا متهمي بالسقم كن منجدي ... ولا تطل رفضي فإني علي3

أنت خليلي فبحق الهوى ... كن لشجوني راحمًا يا خلي4

وتقاضاني، عند الإنشاد أن أنظم له شيئًا على هذا الطريق فأنشدته في المجلس قولي

يقولون صف أنفاسه وجبينه ... عسى للقا يصبو فقلت لهم صبا

وغالطت إذ قالوا أباح وصاله ... وإلا أبى قربًا فقلت لهم أبا

ونظم الشيخ جمال الدين بن نباتة هذا النوع وكساه ديباج التورية، ولم يسلم له الوزن إذ جمع بين طرفي الاكتفاء كما فعلنا حيث قال:

أقول وقد جاء الغلام بصحفة ... عقيب طعام الفطر يا غاية المنا

بحقك قل لي جاء صحن قطايف ... وبح باسم من أهوى ودعني من الكنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015