لما اكتفى خده القاني بحمرته ... قال العواذل بغضا إنه لدمي1
الاكتفاء هو أن يأتي الشاعر ببيت من الشعر وقافيته متعلقة بمحذوف فلم يفتقر إلى ذكر المحذوف لدلالة باقي لفظ البيت عليه ويكتفي بما هو معلوم في الذهن فيما يقتضي تمام المعنى. وهو نوع ظريف ينقسم إلى قسمين: قسم يكون بجميع الكلمة، وقسم يكون ببعضها.
والاكتفاء بالبعض أصعب مسلكًا لكنه أحلى موقعًا ولم أره في كتب البديع ولا في شعر المتقدمين فشاهد الاكتفاء بجميع الكلمة كقول ابن مطروح:
لا أنتهي لا أنثني لا أرعوي ... ما دمت في قيد الحياة ولا إذا
فمن المعلوم أن باقي الكلام ولا إذا مت، لما تقدم من قوله الحياة ومتى ذكر تمامه في البيت الثاني كان عيبًا من عيوب الشعر مع ما يفوته من حلاوة الاكتفاء ولطفه وحسن موقعه في الأذهان ومنه قول شيخ شيوخ حماة:
أهلا بطيفكم وسهلا ... لو كنت للاغفاء أهلا
لكنه وافى وقد ... حلف السهاد عليَّ أن لا2
ومنها قوله فيما نحن فيه:
راموا فطامي عن هوى ... غذيته طفلًا وكهلًا
فوضعت في طوقي يدي ... وقلت خلوني وإلا3