ولم أستطرد إلى هذا القدر من نظم ابن هانئ إلا لعلمي أنه عزيز الوجود، وغريب في هذه البلاد.

ومن تجاهل العارف للمبالغة في المدح قول إمام هذه الصناعة، ومالك أزمة البلاغة والبراعة، القاضي الفاضل، من مديح العادل:

أَهذي كَفُّهُ أَم غَوثُ غَيثٍ ... وَلا بَلَغَ السَحابُ وَلا كَرامَه

وَهَذا بِشرُهُ أَم لَمعُ بَرقٍ ... وَمَن لِلبَرقِ فينا بِالإِقامَه

وَهَذا الجَيشُ أَم صَرفُ اللَيالي ... وَلا سَبَقَت حَوادِثُها زَحامَه

وَهَذا الدَهرُ أَم عَبدٌ لَدَيهِ ... يُصَرِّفُ عَن عَزيمَتِهِ زِمامَه

وَهَذا نَصلُ غِمدٍ أَم هِلالٌ ... إِذا أَمسى كَنونٍ أَم قُلامَه1

وَهذا التُربُ أَم خَدٌّ لَثَمنا ... فَآثارُ الشِفاهِ عَلَيهِ شامَه

سبحان المانح! هذا الأديب الذي لم ينسج الأوائل على منواله، ولا تتعلق الأفاضل من المتأخرين بغبار أذياله.

ومنها ليس من تجاهل العارف، ولكنه من المرقص والمطرب:

وهذا الدر المنثور ولكن ... أروني غير أقلامي نظامه

وهذي روضة تندي وسطري ... بها غصن وقافيتي حمامه

وهذا الكاس روق من بناني ... وذكرك كان من مسك ختامه2

وقوله أيضًا من تجاهل العارف للمبالغة في المديح:

أهذه سير في المجد أم سور ... وهذه أنجم في السعد أم غرر

وأنمل أم بحار والسيوف لها ... موج وإفرندها في لجها درر3

وأنت في الأرض أم فوق السماء وفي ... يمينك البحر أم في وجهك القمر

ومما جاء في تجاهل العارف، للمبالغة في التعظيم، قول سيدنا القطب الفرد الجامع، عبد القادر الجيلاني قدس الله ضريحه، وأعاد علينا من بركاته في الدنيا والآخرة بمحمد وآله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015