ولقد وهم جماعة من المؤلفين، وخلطوا التكميل بالتتميم، وساقوا في باب التتميم شواهد التكميل وبالعكس. وتأتي شواهد التكميل في مواضعها، والفرق بين التكميل والتتميم: أن التتميم يرد على الناقص فيتمه، والتكميل يرد على المعنى التام فيكمله، إذ الكمال أمر زائد على التتميم، وأيضًا، أن التمام يكون متممًا لمعاني النقص لا لأغراض الشعر ومقاصده، والتكميل يكملها. وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته:

وكم بذلت طريفي والتليد لكم ... طوعًا وأرضيت عنكم كل مختصم1

فالتتميم في قوله: طوعًا، فإنه أراد به أنه لم يبذل ذلك كرهًا، فتم بهذا المعنى.

والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين:

والبدر مذ لاح في التتميم دان له ... والشمس مذعنة طوعًا لمحتكم2

قوله: في التتميم، هو التتميم بعينه مع زيادة التورية في التشبيه، وقوله: طوعًا، تتميم ثان، لكن تقدمه الشيخ صفي الدين، بقوله: طوعًا, وأرضيت عنكم كل مختصم.

وبيت بديعيتي، متعلق ببيت التشريع الذي قبله، وهو:

طاب اللقا لذ تشريع الشعور لنا ... على النقا فنعمنا في ظلالهم

بكل بدر بليل الشعر يحسده ... بدر السماء على التتميم في الظلم

فقولي: بليل الشعر، هو التتميم الذي تستعار من استعارته المحاسن، فإني لو قلت: بكل بدر يحسده بدر السماء، لصح المعنى، ولكن زدت البدر الأرضي، بقولي: بليل الشعر، تتميمًا وحسنًا. وقولي: على التتميم، تتميم ثان مع زيادة التورية التي فيها تسمية النوع الملتزم بها. وقولي: في الظلم، تتميم ثالث ليس له نظير، فإن به تم المعنى وتمت رتبة اللف والنشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015