وإذا الرياح مع العشي تناوحت ... هوج الرمال بكثبهن شمالا

ألفيتنا نفري الغبيط لضيفنا ... قبل القتال ونقتل الأبطالا1

فإن هذا الشاعر لو اقتصر على الرمال والقتال، لكان الشعر من الضرب المجزوّ

المرفل من الكامل وهو:

وإذا الرياح مع العشـ ... ـي تناوحت هوج الرمال

ألفيتنا نفري الغبيـ ... ـط لضيفنا قبل القتال

فإذا أتممت البيتين صارا من الضرب التام المقطوع منه، وصار لكل بيت من هذين البيتين قافيتان، ولا شك أن هذا النوع لا يأتي إلا بتكلف زائد وتعسف، فإنه راجع إلى الصناعة لا إلى البلاغة والبراعة، إذ وقوع مثل هذا النوع في الشعر من غير قصد له نادر، ولا يحسن أن يكون في النثر فإنه ما يقع فيه إلا تصريعًا، ولا يظهر حسنه إلا في النظم، لأن فيه الانتقال من وزن إلى وزن آخر، فيحصل بذلك من الاستحسان ما لا يحسن في النثر لأن النثر، على كل حال، كلام مسجوع ليس فيه انتقال من وزن إلى وزن، وأوسع البحور في هذا النوع الرجز، فإنه قد وقع مستعملًا تامًّا ومجزوءا، ومشطورًا ومنهوكًا، فيمكن أن يعمل للبيت منه أربع قواف، فإذا أسقطت ما بعد القافية الأولى بقي البيت منهوكًا، فإذا أسقطت ما بعد الثانية بقي البيت مشطورًا، فإذا أسقطت ما بعد الثالثة بقي مجزوءا، وإذا لم تسقط شيئًا كان تامًّا.

ولأبي عبد الله محمد بن جابر الضرير الأندلسي، ناظم البديعية، في غير بديعيته المذكورة هنا:

يرنو بطرف فاتر مهما رنا ... فهو المنى لا أنتهي عن حبه

يهفو بغصن ناضر حلو الجنى ... يشفي الضنا لا صبر لي عن قربه2

لو كان يومًا زائري زال العنا ... يحلو لنا في الحب أن نسمي به3

أنزلته في ناظري لما دنا ... قد سرنا إذ لم يحل عن صبه4

فهذه الأبيات من الرجز التام وهو الضرب الأول منه، فإذا تركتها على حالها فهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015