يا عاذلي أنت محبوب لدي فلا ... توارب العقل مني واستفد حكمي
المواربة، براء مهملة، وباء موحدة، وهي مشتقة من الأرب وهي الحاجة، لكن ذكر ابن أبي الأصبع: أنها مشتقة من ورب العرق بفتح الواو والراء إذا فسد، فهو ورب بكسر الراء،. كأن المتكلم أفسد مفهوم ظاهر الكلام بما أبداه من تأويل باطنه.
وحقيقة المواربة، أن يقول المتكلم قولا يتضمن ما ينكر عليه فيه بسببه، ويتوجه عليه المؤاخذة، فإذا حصل الإنكار عليه استحضر، بحذقه، وجهًا من الوجوه التي يمكن التخلص بها من تلك المؤاخذة، إما بتحريف كلمة أو تصحيفها، أو بزيادة أو نقص، أو غير ذلك.
فأما شاهد ما وقع من المواربة بالتحريف، فقول عتبان الحروز:
وإن يك منكم كان مروان وابنه ... وعمرو ومنكم هاشم وحبيب
فمنا حصين والبطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب
فلما بلغ الشعر هشامًا وظفر به، قال: أنت القائل: ومنا أمير المؤمنين شبيب؟
فقال: يا أمير المؤمنين، ما قلت إلا: ومنا أمير المؤمنين شبيب، فتخلص بفتح الراء بعد ضمها1، وهذا ألطف مواربة وقعت في هذا الباب، وشاهد الحذف قول أبي نواس في خالصة جارية أمير المؤمنين الرشيد، هاجيًا لها:
لقد ضاع شعري على بابكم ... كما ضاع حلي على خالصه2