وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة، ولا يهلك على الله إلا هالك". فقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يهلك على الله إلا هالك"، هو التذيل الذي تتعلق البلاغة بأذياله، وخرج الكلام فيه مخرج الأمثال، وهذا التذييل انفرد بإخراجه مسلم ومن هذا الباب قول النابغة:

ولست بمستبق أخًا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب

اتفق أهل البديع على أن قوله: أي الرجال المهذب، من أحسن تذييل وقع في شعر، لأنه خرج مخرج المثل ومثله قول بعض العرب:

ودعوا نزال فكنت أول نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل1

فعجز هذا البيت كله تذييل، وهو في غاية الكمال، ولقد أحسن بعضهم في هذا الباب، حيث قال:

صدقتك الود أبغي الوصال ... وليس المكاذب كالصادق

فجازيتموني بطول البعاد ... وكم أخجل الحب من واثق

فكل من عجزي البيتين تذييل، وخرج الكلام فيهما مخرج المثل، وأحسن منه قول الحطيئة:

نزور فتى يعطي على الحمد ماله ... ومن يعط أثمان المحامد يحمد

فإن عجز البيت كله تذييل خرج مخرج المثل، وصدر البيت استقل بالمعنى المراد على انفراده، وفيه أيضًا مع اتصاله بالعجز تعطف حسن في قوله: يعطي ويعط، وبالتعطف صار بين العجز والصدر ملاحمة وملاءمة شديدة ورابطة وثيقة، قال ابن أبي الأصبع: عجز هذا البيت، إذا انفرد، استقل مثلًا وتذييلًا، كما أن الصدر إذا انفرد استقل بالمعنى المقصود، من جملة البيت، والغرض المطلوب من التمثيل أيضًا، وقل أن يوجد بيت بين صدره وعجزه مثل هذا التلاحم، على استقلال كل قسم بنفسه وتمام معناه ولفظه، ومن التذييل الحسن قول أبي الشيص:

وأهنتني فأهنت نفسي عامدًا ... ما من يهون عليك ممن يكرم

فعجز البيت كله تذييل، وفي ضمنه مطابقة، لذكره الهوان والكرامة. ومن بديع التمثيل قول ابن نباتة السعدي:

لم يبق جودك لي شيئًا أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015