{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} 1 أقول قولي هذا وأستغفر الله من الشرف وخيلائه، والفخار وكبريائه، وأتوكل على الله فيما حكم، وأسأله التدبير فيما جرى به من القلم، ثم أكتفي بما ذكره من أدواته، وجلس على كرسي دواته، متمثلًا بقول القائل:

قلم يفل الجيش وهو عرموم ... والبيض ما سلت من الأغماد2

وهبت له الآجام حين نشابها ... كرم السيول وضولة الآساد3

فعند ذلك نهض السيف قائمًا عجلًا، وتلمظ4 لسانه للقول مرتجلًا، وقال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ... وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز} 5 الحمد لله الذي جعل الجنة تحت ظلال السويف، وشرَّع حدها في ذوي العصيان فأغصَّتهم بماء الحتوف، وشيد مراتب الدين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص6 وعقد مرصوف7، وأجناهم من ورق حديدها الأخضر ثمار نعيمها الدانية، وصلى الله على سيدنا محمد هازم الألوف، وعلى آله وصحبه الذين طالما محوا بريق بريق الصوارم سطور الصفوف، صلاة عاطرة في الأنوف، حالية بها الأسماع كالشنوف8، وسلم.

أما بعد، فإن السيف زند الحق الوري وزنده القوي9 وحده الفارق بين الرشيد والغوي، والنجم الهادي إلى العز وسبيله، والثغر الباسم عن تباشير فلوله، به أظهر الله الإسلام وقد جنح خفاء، وجلى شخص الدين الحنيفي وقد جمح جفاء، وأجرى سيوفه بالأباطح، فأما الحق فمكث والباطل فذهب جفاء10، وحملته اليد الشريفة النبوية، وخصته على الأقلام بهذه المزية، وأوضحت به للحق منهاجًا، وأطلعته في ليالي النقع والشك سراجًا وهاجًا، وفتحت باب الدين بمصباحه حتى دخل فيه الناس أفواجًا، فهو ذو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015