تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} 1 فالمطابقة بين الغرق ودخول النار، فإن من دخل النار احترق والاحتراق ضد الغرق، ومنه قول الحماسي.

لهم جلّ مالي إن تتابع لي غنى ... وإن قل مالي لا أكلفهم رفدا2

ففي قوله تتابع لي غنى معنى الكثرة، وأما قول أبي الطيب:

لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور محب أو إساءة مجرم

فمتفق عليه أنه من الطباق الفاسد، فإن المجرم ليس بضد للمحب بوجه ما، وليس للمحب ضد غير المبغض. انتهى.

وذكوا في آخر الباب: طباق الترديد، وهو أن تردّ آخر الكلام المطابق على أوله، فإن لم يكن الكلام مطابقًا فهو من رد الأعجاز على الصدور، ومنه قول الأعشى:

لا يرقع الناس ما أوهوا وإن جهدوا ... طول الحياة ولا يوهون ما رقعوا3

وجل القصد في هذا الباب المطابقة في الحقيقة، التي قررها ابن أبي الصبع، وتقدم في ذلك في أول الباب مع الشواهد عليه، ومثله قول بشار:

إذا أيقظتك حروب العدا ... فنبه لها عمرا ثم نم

ومن لطيف هذا الطباق ما أورده القاضي جلال الدين القزويني، في إيضاحه على تلخيصه، وهو قول القاضي الأرجاني:

ولقد نزلت من الملوم بماجد ... فقر الرجال إليه مفتاح الغنى

والذي أقوله إن المطابقة التي يأتي بهها الناظم مجردة ليس تحتها كبير أمل، ونهاية ذلك أن يطابق الضد بالضد، هو شيء سهل، اللَّهمَّ إلا أن تترشح بنوع من أنواع البديع يُشاركه في البهجة والرونق، كقوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} 4 ففي العطف، بقوله تعالى: {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} دلالة على أن من قدر على تلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015