وما أروني التفاتًا عند نفرتهم ... وأنت يا ظبي أدرى بالتفاتهم
فسر قدامة الالتفات بأن قال: هو أن يكون المتكلم آخذًا في معنى، فيعترضه إما شك فيه، أو ظن أن رادًا يرده عليه، أو سائلًا يسأله عن سببه، فيلتفت إليه بعد فراغه منه، فإما أن يجلي الشك، أو يؤكده، أو يذكر سببه، كقول الرماح بن ميادة:
فلا صرمه يبدو وفي اليأس راحة ... ولا وصله يصفو لنا فنكارمه1
فكأن الشاعر توهم أن قائلًا يقول له: وما تصنع بصرمه؟ فقال: لأن في اليأس راحلة.
وأما ابن المعتز فقال: الالتفات انصراف المتكلم عن الإخبار إلى المخاطبة ومثاله في الكتاب، قوله تعالى: بعد الإخبار بأن الحمد لله رب العالمين: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 2 وكقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} 3 وكقوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} 4 ومثال ذلك من الشعر قول جرير:
متى كان الخيا بذي طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام