وقوله في الفراق:
حرام على عينيّ أن تطعم الكرى ... الى أن يعود الحي ملتئم الشعب
وكيف تنام العين بعد رحيلهم ... وقد رحل القلب المشوق مع الركب
يقولون: سلّ القلب بعد فراقهم ... فقلت: وهل قلب فيسلو عن الحب
ذكر أنّ أصله من إشبيلية وتهذبه بمرسية فعرف بها ونسب إليها. هو شبل عرين أسود إشبيلية لكنه غاب عن الغاب، وألقى مرساه بمرسية. وحكى ابن بشرون في كتابه، من سبب اغترابه أنه قبل أن يكتسي عذاره، ويُقْرَن بالنفسج بهاره، وبالليل نهاره، حضر في مجلس أنس أنيق نواره، وأشرقت أنواره، وغنّت أطياره، وراقت أزهاره، ودارت على الشرب عقاره، فتقدم أحدهم إليه ليَجْتَنيَ ورده، وهمّ ليجني عليه، فصدّه وردّه، ثم قبّله، وسامه ما أبى أن يفعله، ثم أخرج سكيناً فلم يخطئ بها مقتله، فيا لها من قبله، تقومت بقتله، ولذة أفضت الى ذله، فلما رفع الى قاضي البلد، أقر بالقتل وهو ماضي الجلد، وذكر الواقعة وأظهر له ما خفي فسجن شهر ثم أخرج ونفي. وذكر أن شعره خفيف الروح، متمكّن القوافي، ناهض في جو التجويد بالقوادم والخوافي، وله يد في التوشيح قوية، وكلم بالمعاني البديعة موشية، وأورد في النّحول من شعره: