أناب ابن البلدي في وزارته بوزر دمه، وتوصل في قطع يده وقدمه، وذلك في آخر سنة خمس وستين وخمس مئة. ولم يمض شهران حتى انقضت أيام المستنجد، وفتك بالوزير المتبلد، ولم يتم ثأره، حتى ظهرت في تبديل الدولة آثاره.
ومن نظمه السلس، وهو أرق من النفس، ويغنى به:
يا ناجِياً من عذاب قلبي ... وسالماً من رسِيس وَجْدي
لا تتقرب إلى ثيابي ... فإنَّ داء الغرام يعدي
تزعم أنَّ الفؤاد عندي ... لو كنت عندي لكان عندي
قد غّير الدهر كلّ شيء ... سوى جفاكم وحسن عهدي
وله:
أعيذكمُ من لوعتي وشجوني ... ونار أسى بين الضلوع دَفينِ
وبَرَّح جوى لم يُبق منّي بقيةً ... سوى حركاتٍ تارةً وسكونِ
سهرنا بنعمانٍ ونمتم ببابلٍ ... فيا لعيونٍ ما وفت لعيون!
أكاذب سمعي عن أحاديث غدركم ... وأعرفها عن صحّةٍ ويقين
ألا مخبرٌ عنّي قلوباً أبيةً ... يقول لها: كم ذي القساوة؟ ليِني!