بنو العباس قد فطنوا لسر ... بنزعهم لمبيضِّ الثياب
لئن لبسوا السوادَ لقد أصابوا ... لأنهم حكوا لون الشباب
وقوله في استدعاء صديق له الى مجلس أنس:
قد شربنا المدام من كف خود ... أقبلت كالهلال والليلُ داجِ
ونعمنا لولا مغيبك عنا ... بسماع الأرمال والأهزاج
وعجبنا للماء يحمل ناراً ... في قنان كأنها خرط عاج
وفتاةٍ تكشفت للنّدامى ... وعجوزٍ تستّرت بالزجاج
فاغتنم لذّة الزمان وبادِرْ ... كلّ ضيق تخافه لانفراج
وقوله في كبير اللحية:
لحية حمدون دثارٌ له ... تكنّه من شدة البردِ
كأنها إذ غاب في وسطها ... قطيفة لُفّتْ على قِرْد
وقوله في العناق:
لم أنسَ إذ عانقتُ بدر التمام ... في غسق الليل وجنحِ الظلامْ
كأنّنا لامانِ قد قوربا ... فألصق الخطّ فصارا كلام
وقوله في الخضاب:
خضبت شعرَك زوراً ... والشيب قد فاض فيضا
كذبتَ في كل شيء ... حتى على الشعر أيضا
وقوله في المعنى:
صبْغُ المشيب بليّهْ ... على الفتى ورزيّهْ
حصلت منه على أن ... أضحكت مني البريّه
وقوله في مدح البخل:
يا لائمي في اشغالي ... بحفظ مالٍ قليلِ
البخلُ أجملُ بالح ... رِّ من سؤال البخيل
وقوله في نار الفحم:
ونار فحم ذي منظر عجب ... يطرد عنه الشرار باللهب
كأنما النار مبرد جعلت ... تبرد منه برادة الذهب
وقوله في فتى بارد:
أتيتُ إليه في قيظٍ شديدِ ... فحيّاني محيّاه بثلجِ
فقلت: عدمت عندي بادهنجاً ... ولكن وجه هذا بادهنجي
وقوله في بخيل:
أتيته زائراً أحدّثه ... ولست في ماله بذي طمعِ
فظن أني أتيت أسأله ... فكاد يقضي من شدة الجزعِ
وقوله في النرجس، وقد أتى فيه بأربع تشبيهات:
أريد لأشفي سقم قلبي بنرجس ... فيذبل إن صافحته بتنفسي
له مقلة كالتّبر والجفن فضّة ... وقدّ كغصن البان في ثوب سندس
وقوله في ذم مغن:
غنّى وإن كان مقيتاً فلا ... ينسبه الله الى المقتِ
من حُمَّ فلينظر الى وجهه ... فإنه يبرد في الوقتِ
وقوله:
لا تصلْ من صدّ تيهاً ... أبداً واستغنِ عنه
كن كمثل الكرم يعلقْ ... بالذي يقرب منه
وقوله:
يحبّ بنو آدم ربّهم ... ولكنهم بعدُ يعصونه
وإبليسُ قد شربوا بغضه ... وهم بعد ذاك يطيعونه
فهذا التنافي فما بالهم ... يرون الضلالَ ويأتونه
وقوله في الشيب:
أرى عيني إذا ثقلت مشيباً ... يكون لها انقباضٌ وانخفاضُ
كأن العين تشفق أن تراه ... مخافة أن يحلّ بها البياض
وقوله:
سلَوْنا حبّه لما جفانا ... وكان بموضع منّا شريفِ
كمثل الزهر تكرمه طرياً ... ويُطرَح إن تغير في الكنيف
وقوله:
إن أنت لم يحتج إليك الورى ... كنتَ بهم في تعب متعب
ألا ترى الماء إذا لم يكن ... شاربه عطشان لم يُشرَبِ
وقوله:
احذر صديقك إنه ... يخفى عليك ولا يبينُ
إن العدو مبارز ... لك والصديق هو الكمينُ
وقوله في راقصة:
راقصة كالغصن من فوقه ... بدرٌ منيرٌ تحت ظلماء
تلهب مثل النار في رقصها ... وهي من النعمة كالماء
كأنما في رجلها عودُها ... وزامرٌ يتبع بالنّاء
ساحرة الرقص غلامية ... منها دوائي وبها دائي
إذا بدت ترقص ما بيننا ... يرقص قلبي بين أحشائي
وقوله في العذار:
عذاره في خدّه أنه ... سبحان ربي الخالق الباري