أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن الطوبي

أنت كالموت تدرك الناسَ طرّا ... مثلما يدرك الصباحَ المساءُ

كيف يرجو من قد أخفتَ نجاءً ... منك هيهات أين منك النجاءُ

وقوله في لثغة اللسان:

وشادنٍ في لسانه عُقَدٌ ... حلّت عقودي وأوهنت جلَدي

عابوه جهلاً بها فقلت لهم ... أما سمعتم بالنفث في العُقَدِ

وقوله:

أقبل الصبحُ وصاح الدّيَكهْ ... فاسقنيها قهوةً منسفكهْ

قهوة لو ذاقها ذو نُسُكٍ ... لزم الفتك وخلّى نسكهْ

فأهِنْ دُنياك تعززك ولا ... تترك المال كمن قد تركهْ

واغتنم عمرك فيها طائراً ... قبل أن تحصل وسطَ الشبكهْ

وقوله:

انظر الى الماء حاملاً لهباً ... واعجب لنار تضيء في ماء

وقوله:

شربت درياقة للْ ... هُموم إذ لبستني

دبّت بجسمي فأرْدتْ ... همومه وشفتني

قتَلْتُها بمزاج ... وبعد ذا قتلتني

كأنها طلبتني ... بالثأر إذ صرعتني

وقوله:

تنبّه أيها الرجل النّؤوم ... فقد نجمَت بعارضك النجومُ

وقد أبدى ضياء الصبح عمّا ... أجنّ ظلامه الليل البهيمُ

عنى بالضياء الرشاد، وبالصبح الشيب، وبالظلام الغي، وبالليل الشباب.

فلا تغررك يا مغرور دنيا ... غَرور لا يدوم به نعيم

ولا تخبط بمعوجّ غموض ... فقد وضح الطريق المستقيم

أبو عبد الله

محمد بن الحسن ابن الطوبي

ذكر أنه كان صاحب ديوان الرسائل والإنشاء، ومن ذوي الفضائل البلغاء، طبيباً، مترسلاً، شاعراً، وأورد من نظمه كل مليح الحوك صحيح السبك، فمن ذلك قوله في الغزل:

يا قاسي القلب ألا رحمة ... تنالني من قلبك القاسي

جسمُك من ماء فما لي أرى ... قلبَك جلموداً على الناس

أخاف من لين ومن نعمة ... عليك من ترديد أنفاسي

سبحانَ من صاغك دون الورى ... بداً على غصن من الآس

وقوله:

أي ورد يلوح من وجنتيه ... طار منّي الفؤاد شوقاً إليه

فإذا رمتُ أجتنيه ثناني ... عنه وقْعُ السيوف من مقلتيه

وقوله في العذار:

انظرْ الى حسَن وحُسْن عذاره ... لترى محاسنَ تسحر الأبصارا

فإذا رأيت عذاره في خدّه ... أبصرتَ ذا ليلاً وذاك نهارا

وقوله في العذار:

قام عذري بعذاري ... هـ فما أعظم كرْبي

قلت لمّا أن تبدّى ... نبتُه: سبحان ربّي

أحرِقَتْ فضّةُ خدي ... ك لكي تحرقَ قلبي

وقوله في غلام عرضت له بفيه حرارة:

قالوا بفيك حرارةٌ ... فعجبت كيف يكون ذاكا

ورضابُ ريقك مطفئٌ ... نيرانَ أقوام سواكا

يقع لي أن المعنى حسن، ولكن اللفظ مضطرب.

وقوله في المعنى وهو أجود سبكاً:

شكا لحرارة في فيه أعيتْ ... معالجةً فبات لها كئيبا

وكيف يصحّ ذا تفديه نفسي ... وبرْدُ رضابه يطفي اللهيبا

وقوله:

ما لامني قطّ فيه ... إلا الذي لا يراه

حتى يراه فيضحي ... مشاركي في هواهُ

وقوله:

بخدّك آسٌ وتفاحةٌ ... وعينك نرجسةٌ ذابلهْ

وريقُك من طيبه قهوة ... فوجهك لي دعوة كاملهْ

وقوله:

ومُسقمي من طرفه ... بما به من سقمِ

أوْما لتقبيل يدي ... فقلت ما ذنبُ فمي

وقوله:

قُسِم الحسن على الخل ... ق ولكن ما أقلّه

فهو في الأمة تفصي ... لٌ وفي وجهك جُملَهْ

وقوله في غلام ناوله حصرماً:

أتعبت قلبي بالصدو ... د وليس أيأسَ من وصالكْ

فخُذِ الدليل فقد زجر ... تَ لما أؤمّل من نوالك

ناولتني من حصرم ... فرجوت نقْلَك عن فعالك

إذ كان يحمض أولاً ... وتراه يحلو بعد ذلك

وقوله:

يا سَميّي وحبيبي ... نحن في أمرٍ عجيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015