سعوا مشاةً وهم في الزي أغربة ... مسودّة من وراء النعش تتبع

ولم يكن لهمُ بالعيد من فرح ... ولا لهم في التسلي بعده طمع

لو يُفتدى لافتدته من عشيرته ... ذوو الحفيظة والأنصارُ والشيع

لكنّ من غاله الموت المحتم لا ... يفدى ولا من نيوب الخطب ينتزع

جاءت ملائكة الرضوان معلمة ... بأنّه بجنان الخلد مرتفع

وقد أعدت له أعماله غرفاً ... فيها لأنفس أهل الفضل مرتبع

الموت وِرد وكل الناس وارده ... وقد رأوه عياناً بعد ما سمعوا

ما بالهم شعروا بالموت أنهم ... سَفْر وهم لاقتناء الزاد ما شرعوا

نالوا مغبّة ما قد قدموه له ... فعلا به حصدوا منه الذي زرعوا

يا فجعةً لم تدع في العيش من أرب ... وغُصّةً في لَهاهُ ليس تبتلع

أضرمتِ ناراً على الأحشاء موصدة ... أكبادنا في لظى أنفاسها قطَع

ومنها:

بني لُبانة إنّ الله فضّلكم ... على الورى فبِكمْ في الدّهر يُنتفع

آراؤكم لذوي الإرشاد مرشدة ... وجودُكم لذوي الإكثار منتَجع

وقدركم قد سما عزاً مدى زحلٍ ... وجاهكم في ذراه الخلق قد وقعوا

وقوله من قصيدة أخرى: استهلال:

شهابُ المنايا من سماء الردى انقضّا ... وركن المعالي والجلالِ قد انفضّا

ومنها:

بكتْه المذاكي المقربات وقطّعت ... شكائمها إذ منه أعدمت الركضا

مشت وهي بين الخيل أبرَرُها دما ... وأبرزها جسماً وأهزلها نحضا

وكادت سيوف الهند تندقّ حسرة ... وأجفانها تنشقّ عنها لكي تُنضى

وخطّ على الخطية الرزءُ أحرفا ... أرادت لها حِفظاً فحوّلها حفضا

وكادت تفانَى حوله كل جُنّة ... أسىً وتذوب البيض واللامة القضّا

شهدنا على قربٍ بمشهد موته ... مشاهدَ لم تخط القيام والعرضا

ومنه:

أعاد سرورَ العيد حزناً مماتُه ... ومُبرَمُ أمر فيه حوّله نقضا

فما أحد وافى المصلى ضحى ولا ... دُجى أبصرت من همه عينه غمضا

ومنها:

ألا لم يمت من كان خلّف بعده ... أخاه علياً إذ إليه العلا أفضى

أحبّ محب للفضائل كلها ... وأفضل إنسان على كسبها حضا

ومنها:

تعزّوا فإن الموت حتم على الورى ... توافي به الآجال في الوقت إذ يقضى

وكم إسوة في المصطفى وصحابه ... وقُدْماً قفا آثارَهم فقضى الفرضا

لقد مات فيه عدّة أيُّ عدة ... لنا فعدمنا كل عيش به يرضى

وأبصارُنا كانت تسامى له وقد ... غدا الكلّ منا طرفه اليوم قد غُضّا

وقد كان طرفي ليس يغضي على القذى ... فأضحى على أقذائه اليوم قد أغضى

فظُفر الجوى الباقي بقلبي ناشب ... وباب الأسى الملقى على مهجتي عضا

ومن شعره المودَع رسائله.

له في وصف كتاب:

تضوّع منه إذ فضضتُ ختامه ... نسيمُ فتيتِ المسك والعود والندّ

ونزّهت طرفي في حدائق أزهرت ... بها زهرة السوسان والآس والورد

بصفحة نور من نهار دجت بها ... سطور ظلام حالك اللون مسودّ

وطالعت ألفاظاً يواقيت نُظّمت ... مع الجوهر المكنون والدرّ في عقد

يزيل الضنى عن ذي السّقام مرورُها ... به بل تقيم الميت من رقدة اللّحد

ومنها:

مضمنة من علم أحواله الذي ... يسرّ سرور الوصلِ في زمن الصدّ

وله صدر رسالة:

يا حالَ حالٍ بسقم النفس والجسد ... قد رُدّ عن ورد ماء الأمن والرّشَدِ

قد قيدته الليالي عن تصرفه ... الى النجاة بقيد الأهل والولد

ولو أمنتُ عليهم بعد منصرفي ... صرف الليالي لقوّت عزمتي جلدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015