عبد الرحمن بن أبي العباس الكاتب الاطرابنشي

ونسب إليه أيضاً هذه الأبيات:

شكوتُ فقالت كل هذا تبرُّما ... بحُبّي أراح الله قلبكَ من حُبّي

فلما كتمتُ الحبّ قالت لشدّ ما ... صبرْتَ وما هذا بفعل شجيّ القلب

فأدنو فتُقصيني فأبعُدُ طالبا ... رضاها فتعْتَدّ التباعد من ذنْبي

فشكواي تُؤْذيها وصبري يسوءها ... وتُحرَجُ من بُعدي وتنفر من قربي

فيا قوم هل من حيلة تعلمونها ... أشيروا بها واستوجبوا الأجْرَ من ربي

وله:

كرّرتُ لحظيَ فيمن لحظه سقمي ... فقال لي: فيمَ تكرارٌ وتردادُ

فقلت عيناك مرضى يا فديتُهُما ... فلا تلُمْ لحظاتي فهي عوّاد

البثيري الصقلي

هو عبد الرحمان بن محمد بن عمر، من مدينة بثيرة حامل القرآن، ومساجل الأقران، ذكر أنّ باعه في الترسّل أمدّ، وخاطره في النثر أحدّ، وأورد له قصيدة مدح بها روجار الفرنجي صاحب قصلية، يصف المباني العلية، ذكر أنه أنشدها لنفسه، منها:

أدِرِ الرّحيق العسْجَديّه ... وصِلِ اصطباحَكَ بالعشيّهْ

واشرَبْ على وقْع المثا ... ني والأغاني المعبَديّه

ما عيشة تصفو سوى ... بذُرى صقليّةٍ هنيّه

في دولة أرْبَتْ على ... دول الملوك القيصريّه

ومنها:

وقصورِ منصوريةٍ ... حطّ السّرورُ بها المطيّه

أعجِبْ بمنزلها الذي ... قد أكمل الرحمان زِيّه

والملعبِ الزاهي على ... كل المباني الهندسيّه

ورياضِه الأُنُفُ التي ... عادت بها الدُنْيا زهيّه

وأسودِ شاذِروانِه ... تهمي مياهاً كوثريّه

وكسا الربيعُ ربوعَها ... من حسنه حُللاً بهيّه

وغدا وكلّل وجهَها ... بمُصبَّغاتٍ جوهريّه

عطّرنَ أنفاسَ الصَّبا ... عند الصّبيحة والعشيّه

وهي قصيدة طويلة.

قال ابن بشرون: لما عرض عبد الرحمان عليّ هذه القصيدة، سألني أن أعمل على وزنها ورويها، فقلت:

لله منصوريّة ... راقت ببهجتها البهيّه

وبقصرها الحَسَنِ البِنا ... والشّكل والغُرَفِ العليّه

وبوحشِها ومياهِها ال ... غُزْرِ العُيونِ الكوثريّه

فقد اكتست جنّاتُها ... من نبتِها حُللا بهيّه

غطّى عبيرَ تُرابِها ... بمُدبّجاتٍ سُندسيّه

يُهدي إليكَ نسيمُها ... أفواه طيبٍ عنبريّه

واستوسَقَتْ أشجارُها ... بأطايِبِ الشّجر الجنيّه

وتجاوبت أطيارُها ... في الصّبح دأباً والعشيّه

وبِها رُجارُ سما العُلا ... مِلكُ الملوكِ القيصريّه

في طيب عيشٍ دائِمٍ ... ومشاهِدٍ فيها شهيّه

واقتصرت من القصيدتين على ما أوردته، لأنهما في مدح الكفّار فما أثبته.

عبد الرحمن بن أبي العباس الكاتب

الاطرابنشي

أورد له في وصف منتزه المعتزية المعروف بالفوّارة:

فوّارةَ البحرينِ جمّعْتِ المُنى ... عيش يطيبُ ومنظر يُستعظَمُ

قُسمتْ مياهُك في جداولَ تسعةٍ ... يا حبّذا جرَيانُها المتقسِّمُ

في مُلتقى بحرَيك معتركُ الهوى ... وعلى خليجِكِ للغَرام مخيَّمُ

لله بحْرُ النّخلتَيْنِ وما حوى ال ... بحرُ المَشيدُ به المقام الأعظمُ

وكأنّ ماء المفرَغيْن وصفْوَه ... دُرّ مُذاب والبسيطة عندَمُ

وكأن أغصان الرّياض تطاولت ... ترنو الى سمَكِ المياه وتبسِمُ

والحوتُ يسبَحُ في صفاء مياهها ... والطير بين رياضها يترنّم

وكأنّ نارنْجَ الجزيرة إذ زَها ... نار على قُضُب الزّبرجدِ تُضرَمُ

وكأنّما الليمونُ صُفرةُ عاشق ... قد بات من ألم النّوى يتألم

والنخلتان كعاشقَيْنِ استَخلَصا ... حذَرَ العدى حِصْنا منيعاً منهُمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015