حتى متى قلبي عليكَ عليل ... والى متى هذا الصّدودُ يطولُ

أشكو إليك كأنني لكَ راغب ... ألا يكون عليّ منكَ قَبول

وإذا تعرّض لي هواكَ بنظرة ... أعرضْتَ حتى ما إليك سبيل

وقوله:

ولولا أنني أُغفي لعلّي ... ألاقي الطّيفَ مُزوَرَّ الجنابِ

فأقضي من ذِمامكَ بعضَ حقٍّ ... تقاصر دونه أيدي الركاب

لما طعِمتْ جفوني الغمْض حتى ... يُجَدِّد عهدَها منك اقترابي

الفقيه أبو محمد بن صمنة الصقلي

وصفه بحسن المحاضرة والمحاورة، وطيب المفاكهة والمذاكرة، واستضافة علم الشعر الى علم الشرع، وظرافة الخلق، وسلامة الطبع، وأورد له شعراً سنيِّ الصنع، جنّي الينع، وهو قوله:

ترَكوا العتاب وجانبوا العَتْبا ... فأقِلهُمُ وأنثلهُمُ العُتْبَى

واصفح لهم عمّا جنَوا كرَما ... حُباً لهم وكرامةً حُبا

أحبابَنا لي عندكم مِقَة ... نهبَتْ جميعَ إساءةٍ نهْبا

ومحبّةٌ في الصدر ثابتَة ... محَتِ الذّنوبَ فلم تدع ذنْبا

أوليتكم مني صحيح هوى ... فشفى مريضَ سقامكم طِيّا

وجزيتكم بقطيعةٍ صِلةً ... وحمَلْتُ ما حُمِّلْتُ من أعْبا

ووردْتُ مِلحاً ماءَ وُدِّكُمُ ... فشربتُه وسقيتكم عذْبا

وذكر أن الفقيه عيسى بن عبد المنعم الصقلي بلغه عنه كلام أحفظَه، فكتب إليه:

جنّبَنا اللهُ سيّئَ القالَهْ ... وصاننا عن مواقف الخالَهْ

منّا وفينا فلا رعَوْا أبدا ... حرّابَة بالمقال نبّالَهْ

ذوو بضاع تُعدُّ ألسنَة ... وهْيَ مُدى في النّفوس فَعّاله

فأجابه، وقرن بالعتبى عتابه:

ما لحبيبي مُعتباً ماله ... أحال إفْكُ الوشاة أحوالَهْ

غيّره ميْنُ كاشِح مذِقٍ ... وشَى وكان الإله سئّالَهْ

بفيه عفر التراب بل تربت ... يداه في ما حكى وما قاله

أراد قطْعاً لوصْلِنا حسَدا ... قطّع حدّ الحُسام أوصاله

وُدٌ برَضْوى شددْتُ عُقدَتَه ... فكيف رام الغبيّ زلزاله

بل كيف أرمي بأسهُمي بصَري ... أعمى ويحوي الحسود آماله

يا ولدي والمَكينُ من خلَدي ... بموضع لم أبِحْهُ إلا لَهْ

فناقلُ الزّور غير ما ثِقَة ... إذ كان يسعى ليُفسِدَ الحاله

عبد الرحمان بن رمضان المالطي

قال: ويعرف بالقاضي، وليس له في علوم الشريعة يد، بل هو شاعر له من بحر خاطره وغزارة غريزته مدد، ومعظم شعره في مدح روجار الإفرنجي المستولي على صقليه يسأله العودة الى مدينة مالطة، ولا يحصل منه إلا على المغالطة.

له وقد احتجب عنه بعض الرؤساء:

تاه الذي زُرتُه ولاذا ... عنّي ولم يُخفِ ذا ولا ذا

وكان من قبلُ إن رآني ... يبسُطُ لي سُندُسا ولاذا

فصار كلّي عليه كلاًّ ... يا ليتني متّ قبلَ هذا

وقال في ذم إخوان الزمان:

إخوان دهرِكَ فالقَهُمْ ... مثلَ العِدا بسلاحكا

لا تغتَرِرْ بتبسّمٍ ... فالسّيف يقتُل ضاحكا

عبد الحليم بن عبد الواحد

السوسي الأصل، الإفريقي المنشأ، الصقلي الدار سكن مدينة بلرم، واستدر من ذوي كرمها الكرم، وله نظم كالعقود، وحلب كالعنقود، له في صقلية:

عشقْتُ صقليّةَ يافعا ... وكانت كبعض جنان الخلود

فما قُدِّر الوصلُ حتى اكتهلتُ ... وصارت جهنّم ذاتَ الوَقود

ونسب إليه هذه الأبيات وهي مشهورة جداً:

قالت لأتراب لها يشفَعْنَ لي ... قولَ امرئٍ يُزْهى على أترابه

وحياةِ حاجته إليّ وفقرِه ... لأُواصلنّ عذابه بعذابه

ولأمنَعنّ جفونَه طعْم الكرى ... ولأمزِجنّ دموعه بشرابه

لمَ باح باسمي بعد ما كتمَ الهوى ... دهراً وكان صيانتي أوْلى به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015