وقال من قصيدة في طريقة أبي الرقعمق:
أنا الذي حَدَّثَكُمْ ... عنه أبو الشَّمَقْمَقِ
وقالَ عنِّي إنني ... كنتُ نَدِيم المُتَّقِي
وكنتُ كنت كنت كنتُ ... من رُمَاةِ البُنْدُقِ
حتى متى أبقى كذا ... تَيْساً طويلَ العُنُق
بِلِحْيَةٍ مُسْبَلَةٍ ... وشاربٍ مُحَلَّق
يا ليتها قد حُلِقَتْ ... من وجه شيخٍ خَلَقِ
وقال من أخرى:
عشتُ خمسين بل تزيدُ ... رقيعاً كما ترى
أحسبُ المُقْلَ بُنْدُقَا ... وكذا الملحَ سُكَّرَا
وأظنُّ الطويل من كُلِّ ... شيءٍ مُدَوَّرَا
قد كَبِرْ بِرْ بِبِرْ بِبِرْ ... تُ وعقلي إِلى وَرَا
عجباً كيف كلّ شيءٍ ... أَرَاهُ تَغَيَّرَا
لا أرى البَيْضَ صار يُؤْ ... كَلُ إِلاّ مُقَشَّرَا
وإذا دُقَّ بالحجا ... رِ زُجَاجٌ تَكَسَّرَا
وكتب إلى أبي الصلت حين عاد من المهدية:
وما طائرٌ قَصَّ الزمان جناحه ... وأَعْدَمَهُ وكْراً وأَفْقَدَهُ إِلْفَا
تذكَّرَ فَرْخاً بين أَفْنَانِ بانةٍ ... خوافِي الخوافي ما يَطِرْنَ به ضعفا
إذا التحف الظلماءَ ناجى همومَهُ ... بترجيع نَوْحٍ كاد من دِقَّةٍ يَخْفَى
بأشفقَ مني مُذْ أطاعت بك النَّوَى ... هوائيةٌ مائيةٌ تسبق الطَّرْفَا
تولَّتْ وفيها منك ما لو أَقِيسُهُ ... بما هي فيه كان في فَضْلِهِ أَوْفَى
شيخ من مصر له نظم مقارب. أنشدني له في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بدمشق بعض المصريين وذكر أنه يعيش:
يا شادناً بالحُسْنِ حالِ ... سَلْ بَعْدَ بُعْدِكَ كيفَ حالي
خَلَّفْتَني نَهْبَ السّقا ... مِ أَعُدُّ أَنْفَاسَ الليالي
خالٍ من الصبرِ الجميلِ ... وَرَبْعُ سُقْمِي غيرُ خالِ
أَرْعَى نجومَ الأُفْقِ وَهْيَ ... إِلى الزَّوالِ بلا زوال
ومُعَرْبِدُ الألحاظِ صا ... حي الوعدِ سكران المِطَال
يرنو بأجفانٍ كأنّ ... لحاظَها رَشْقُ النِّبَال
أَيّامَ كان الرشدُ عندي ... أنْ أقيمَ على الضلال
سألت القاضي الفاضل عنه فقال ما هو من المعدودين، فقلت له هذا شعره، وأنشدته الذي فيه: صاحي الوعد سكران المطال. فقال هذه غاية، وعهدي به لا يصل إليها.
ذكره السمعاني في تاريخه قال أنشدني أبو بكر محمد بن عثمان الدينوري أنشدني خراداذ المعري إملاءً بدمشق أنشدني أبو الحسن المصري العسكري:
رفقاً هديت وسِرْ على مَهَلٍ ... كلُّ الجمالِ عليك يا جَمَلُ
فلو انَّ ناقة صالحٍ حَملت ... ما قد حَمَلْتَ لفاتَها الأَجَلُ
وعليك أَن لا تشتكي كَللاً ... ما دام فَوْقَكَ هذه الكِلَلُ
أبو المسك كافور بن عبد الله الليثي الحبشي الخصي المعروف ب
الصوري
وقيل أبو الحسن كان مصري المنشأ، ومن مواليهم، سكن صور فنسب إليها. رحل عنها، وقطع سكناه منها، وطاف البلدان، ودخل بلاد خراسان، وأقام ببست مدةً من الدهر، ووصل إلى غزنة وما وراء النهر. وكان يحفظ كثيراً من الملح والنوادر، ويزف إليك ما شئت من بنات الخواطر. عارفٌ باللغة معرفةً صحيحة، ناظمٌ في القريض كلمات فصيحة، فاضل أديب، عارفٌ أريب. عاد إلى بغداد وأقام بها إلى أن أدركه صرف المنية، وذلك في رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، ذكره السمعاني في تاريخه حسبما ذكرناه، وقال: قرأت بخط أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في سياق تاريخ نيسابور: أنشدنا كافور بن عبد الله لنفسه، كتب بها إلى الرئيس محمد بن منصور البيهقي:
هل من قِرًى يا أبا سَعْدِ بنِ منصورِ ... لخادمٍ قادمٍ وافاك من صُورِ
شِعارُهُ إنْ دَنَتْ دارٌ وإن بَعُدَتْ ... اللهُ يُبْقي أَبا سَعْدِ بن منصور