وأَستُرُ طولَ الدهر في الغيب عَيْبه ... حِفاظاً ولا أَبْغي رِضاهُ إذا بَغَى

له من قصيدة:

وعَهْدِي بريَّا وهْيَ شمْسٌ مُنِيرةٌ ... عَلَتْ غُصُنَا لَدْناً يَميسُ على نَقَا

خَلَعْتُ عِذَارِي وادَّرَعْتُ بحبها ... فَظَلْتُ أسيراً في الحُبَالةِ مُطْلَقا

تُلاحِظُني أَلحاظُها في حديقةٍ ... بها الحسنُ من كلِّ الجوانبِ أَحْدَقا

تمايلتِ الأشجارُ فيها كأنَّما ... سَقَنْها يدُ الأَنواءِ خمراً مُعَتَّقا

وصاحَ فِصَاحٌ في الغُصُونِ فخلتها ... قياناً تُغَنِّي لا حماماً مُطَوَّقا

إذا ما نسيمٌ هَبَّ ألقَيْتُ عَرْفَها ... لمشتاقهِ من مِسْكِ دارينَ أَعبَقا

بها الوردُ غَضٌّ والأقاحي مُفَلَّجٌ ... ونَرْجِسُها يَرْنو إليكَ مُحَدِّقا

تَرَى أصفراً من نُورِها ومَرَائشاً ... وأَدْكَنَ مُخْضرًّا وأَحْمَرَ مُشْرِقَا

كأنّ هديرَ الماءِ عَوْلَةُ لَوْعةٍ ... لصبٍ مَشُوقٍ لا يُطيقُ التَّفَرُّقا

يَفيضُ على تلك الرياضِ انسكابُهُ ... كجودِ ابن شَيْبانٍ إذا ما تَدَفَّقا

ومنها في وصف مجلس عرسٍ، ومعرس أنسٍ:

كأنّ دخانَ النَّدِّ في جَنَباتِها ... ضَبَابٌ وماءُ الوردِ غَيْثٌ ترقرقا

وقوله في الأمير مبارك بن منقذ وهي قصيدة طويلة:

أقولُ لنفسي إذ تزايدَ ظُلْمُهُمْ ... فِرَارَكِ من دارِ الهُويْنا فِرَارَكِ

فَلَلْمَوْتُ خيرٌ من مُقامٍ مُذَمَّمٍ ... تَرَيْنَ به بَيْنَ الليالي احتقارَكِ

وفي غيرِ أسوانٍ مَرَادٌ ومَذْهَبٌ ... فلا تَجْعَلي شَرَّ النواحي قَرَارَك

فخيرُ بلادِ الله ما صانَ مِن أَذًى ... وأَضحى مَحلاًّ للأميرِ مُبارك

يقولُ له من جاءَ يَطْلُبُ رِفْدَهُ ... ونَجْدَتَهُ انعَشْ بالندى وتَدَارك

ويَشْرَكُهُ في ماله كلُّ قاصدٍ ... ولكنه في المجد غيرُ مُشارَكِ

وله

وإني مُحِبٌّ للقناعة والتُّقَى ... وللْحِرْصِ والطبعِ المُذَمَّمِ فارِكُ

وساعٍ إلى صُنْعِ الجميل مُسارِعٌ ... ومُطَّرِحٌ فِعْلَ القبيحِ وتاركُ

ومَنْ لي بخِلٍ في الزمانِ مُصادِقٍ ... يُساهِمُ في بأْسائه ويشارك

وله من قصيدة في مدح الملك العادل سيف الدين أبي بكر أخي صلاح الدين:

أَحْبِبْ بعصرِ الصِّبَا المأثورِ والغَزَلِ ... أَيَّامَ لي بالغواني أعظَمُ الشُّغُلِ

وإذْ غَرِيمي غَرَامٌ لستُ أَفتَرُ مِنْ ... أوْصابِهِ وعَذَابي فيه يَعْذُبُ لي

مَنْ لي بعَوْدِ شَبَابٍ مُنْذُ فارقني ... لم ألْقَ من عِوَضٍ عنه ولا بَدَلِ

لبستُ بُرْدَ الصِّبَا حيناً بجِدَّتِه ... فأَخْلَقَ البُرْدُ حتى صِرْتُ في سَمَلِ

كم ليلةٍ نِلْتُ من نَيْل المُنَى وَشَفَت ... بذلك الوَصْلِ ما بالصدر من غُلَل

عُلِّقْتُها غِرَّةً غَرَّاءَ غُرَّتُها ... كالبدرِ حَفَّ بليلٍ فاحمِ رَجِلِ

ومنها:

صَدَّتْ وكم قد تَصَدَّتْ للوصالِ وما ... يُرْجي انعطافٌ لمنْ قد صَدَّ عن مَلَلِ

وله من قصيدةٍ في مدح الفاضل أولهاك

على الله مُعْتَمَدُ السائلِ ... فَعَوِّلْ على لُطْفِهِ الشاملِ

وقد مَسَّني الضرُّ حتى لَجَأْتُ ... إلى كَنَفِ الفاضِلِ الفاضِلِ

لقد وفِّقْتْ دولةٌ رأْيُها ... إلى الوَرِعِ العالِمِ العامِلِي

مليٌّ بتدبير أَحْكامِها ... وأَحكامِ مُشْكلِهِا النازلِ

وَمَنْ يَفْزعُ الحرُّ مِن فَضْلهِ ... إلى خيرِ كافٍ له كافلِ

ومن تَمَّمَ اللهُ نقصَ الأَنامِ ... بسؤْدُدِهِ الباذخِ الكامل

تَوَاضَعَ عن رِفعَةٍ فاعتَلَى ... وكم حَطَّ كِبْرٌ إلى سافِل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015