وفتنتي من عيونٍ ... حورٍ مِرَاضٍ صحاح
يا صاحِ إني نزيفٌ ... سُكْراً وإنك صاحِ
وبرحُ وجدي مقيمٌ ... فما لَهُ من بَرَاح
دَعني فما أنتَ يوماً ... مؤاخذٌ بجُنَاح
وما أطعتُ غَرامي ... حتى عصيتُ اللَّوَاحي
وَفَى الحبيب وَتَمَّتْ ... بوصلهِ أفراحي
وزادَ قِدْحي ودارت ... بمُنْيَتِي أَقْدَاحي
أُعطى الكؤوسَ مِلاءً ... على أَكُفِّ الملاح
ورضتُ بالصبر دهري ... وكان صعبَ الجماح
قد استقرّت أُموري ... فيه بحَسْبِ اقتراحي
كما استقرَّ صلاحُ الدنيا ... بملْكِ الصَّلاَح
تنيرُ شمسُ مساعيه ... من سماءِ الصَّبَاح
وأمرهُ مستفادٌ ... من الفَضَاء المُتَاح
ذو المفخَرِ المُتَعالي ... والنائلِ المُسْتَمَاح
وللحقيقةِ حامٍ ... وللدنية ماحِ
غيثُ السماحة طَوْدُ ... الْوقار لَيْثُ الكفاح
صدرٌ بجدواه صَدْري ... مُذْ لم يزل في انشراح
من قَدْحِ زندِ الأماني ... به وَقُودُ القداح
أَمَّلْتُهُ لِمُلِمِّي ... فلاحَ وجهُ فَلاَحي
آمالُنا بلُهَاهُ ال ... أَجْسَامُ بالأرْوَاح
نَدَى كريمٍ حييٍ ... وبأسُ ذِمْرٍ وَقَاح
يَفْديكَ أَهلُ اجتراءٍ ... على رُكُوبِ اجْتِرَاح
بالمالِ غيرُ كرامٍ ... بالعِرْضِ غيُ شِحَاحِ
رأيتَ صونَ المعالي ... في بذلِ مالٍ مباح
إن طالَ ليلُ مُلِمٍ ... وافيتَ بالإِصْبَاح
ومنها:
مُلِّيتَ يوسفُ مِصْراً ... جِدّاً بغير مزاح
مُلكاً بغيرِ انتزاعٍ ... عزّاً بغير انتزاح
يا من أياديه تُبْدي ... بالحَصْر عِيَّ الفِصَاحِ
ومَنْ مُرَجَّى نَداهُ ... مُبَشِّرٌ بالنجاحِ
عدوه في اتِّضَاعٍ ... ومَجْدُه في اتِّضَاح
ومنها:
صريحُ مدحي لعَلْيَا ... كَ عن وَلاَءٍ صُرَاح
بقَيْدِ شُكْري عطايا ... كَ مُطْلَقَاتُ السَّرَاحِ
ولي فيه قصيدة طائية عند وصوله إلى الشام واتصالي بخدمته أَحببت إثباتها في الخريدة، وإيداعها في الجريدة، لأجل ذكر أخواتها من نظم شعراء العصر في الأقاليم، وهي هذه:
عَفَا الله عنكم مالكم أيها الرهطُ ... قسطتمْ ومن قلب المحبِّ لكم قِسْطُ
شَرَطْتُمْ له حفظَ الوداد وخُنْتُمُ ... حنانيكمُ ما هكذا الوُدُّ والشَّرْطُ
جعلتمْ فؤادَ المستهامِ بكم لكُمْ ... مَحَطّاً فعنه ثِقْلَ هَمِّكُمُ حُطُّوا
إذا كنتمُ في القلبِ والدارُ قد نَأَتْ ... فسيَّانِ مِنْ أحبابه القربُ والشَّحْطُ
ثوى هَمُّهُ لما ثَوَى الوجدُ عنده ... مقيماً وشطَّ الصبرُ في جيرةٍ شَطُّوا
وأَرَّقَهُ طيفٌ طَوَى نحوه الدُّجَى ... وقد كاد جيبُ الليل بالصبح يَنْعَطُّ
تشاغلتمُ عنه وثوقاً بوده ... كأَنَّ رضاكم عن محبكمُ سُخْط
جزعت غداةَ الجِزْع لما رحلتمُ ... وأَسْقطني من بينكمْ ذلك السِّقْطُ
ملكتمْ فأنكرتمْ قديمَ مودَّتي ... كأَنْ لم يكن في البين معرفةٌ قَطُّ
فَدَتْ مهجتي مَنْ لا يُذَمُّ لمهجتي ... إِذا حاكَمَتْهُ وهو في الحُكْمِ مُشَتَطُّ
يريكَ ابتساماً عن شتيتِ مُقَبَّلٍ ... كأَنَّ نظيمَ الدرِّ أَلَّفَهُ السِّمْطُ