وَأَسْتافُ حُرَّ الرَّمْلِ شَوْقاً إلى اللِّشوىوَقَدْ أَوْدَعَتْني السُّقْمَ قُضْبانُ كُثْبِهِ
وَلَسْتُ عَلى وَجْدي بأَوَّلِ عاشِقٍ ... أَصابَتْ سِهامُ الْحُبِّ حَبَّةَ قَلْبهِ
صَبَرْتُ عَلى وَعْكِ الزَّمانِ وَقَدْ أُرى ... خَبيراً بِداءِ الْحادِثاتِ وَطِبِّهِ
وَأَعْرَضْتُ عَنْ غُرِّ الْقَوافي وَمَنْطِقي ... مَلِئٌ لِمُرْتادِ الْكَلامِ بِخِصْبِهِ
وَما عَزَّني لَوْ شِئْتُ مَلْكٌ مُهَذَّبٌ ... يَرى أَنَّ صَوْنَ الْحَمْدِ عَنْهُ كَسَبِّه
لَقَدْ طالمَا هَوَّمْتُ في سِنَةِ الْكَرى ... وَلا بُدَّ لي مِنْ يَقْظَةِ الْمُتَنَبِّهِ
سَأَلْقي بِعَضْبِ الدَّوْلَةِ الدَّهْرَ وَاثِقاًبِأَمْضى شَباً مِنْ بِاتِرِ الْحَدِّ عَضْبِهِ
وَأَسْمو عَنِ الآمالِ هَمّاً وَهِمَّةً ... سَمُوَّ جَمالِ الْمُلْكِ عَنْ كُلِّ مُشْبِه
هُوَ الْمَلْكُ يَدْعُو المُرْمِلينَ سَماحُهُ ... إلى واسِعٍ باعَ الْمَكارِمِ رَحْبِهِ
يُعَنَّفُ مَنْ لمْ يَأْتِه يَوْمَ جُودِهِوَيُعْذَرُ مَنْ لمْ يَلْقَهُ يَوْمَ حَرْبِهِ
كَأَنّي إذا أَحَيَّيْتُهُ بِصِفاتِه ... أَمُتُّ إلى بَدْرِ السَّماءِ بِشُهْبِه
هُوَ السَّيْفُ يُغْشي ناظِراً عِنْدَ سَلِّهِ ... بَهاءً وَيُرْضي فاتِكاً يَوْمَ ضَرْبِه
يَرُوقُ جَمالاً أَوْ يَرُوعُ مَهابَةً ... كَصَفْحِ الْحُسامِ الْمَشْرَفِيِّ وَغَرْبِه
همُامٌ إذا أَجْرى لِغَايَةِ سُؤْدُدٍ ... أَضَلَّكَ عَنْ شَدِّ الْجَوادِ وَخَبِّهِ
تَخَطّى إلَيها وادِعاً فَكأَنَّهُ ... تَمَطّى عَلَى جُرْدِ الرِّهانِ وَقُبِّهِ
وَما أَبَقٌ إلاّ حَياً مُتَهَلِّلٌ ... إذا جادَ لْم تُقْلِعْ مَواطِرُ سُحْبِهِ
أَغَرُّ غِياثٌ لِلْأنَامِ وَعِصْمَةٌ ... يُعاشُ بِنُعماهُ وَيُحْمي بِذَبِّهِ
يَقولونَ تِرْبٌ لِلْغمامِ وإَنمَّا ... رَجاءُ الْغَمامِ أَنْ يُعَدَّ كَتِرْبِهِ
فَتىً لمْ يَبْتْ وَالْمَجْدُ مِنْ غَيْرِ هَمُهِوَلْم يَحْتَرِفْ وَالْحَمْدُ منْ غَيْرِ كَسْبِه
وَلْم يُرَ يَوْماً راجِياً غَيْرَ سَيْفِهِ ... وَلمْ يُرَ يَوْماً خائِفاً غَيْرَ رَبِّهِ
تَنَزَّهَ عَنْ نَيْلِ الْغِنى بِضَراعَةٍ ... وَلَيْسَ طَعامُ اللَّيْثِ إِلاّ بِغَصْبِهِ
أَلاَ رُبَّ بِاغٍ كانَ حاسِمَ فَقْرِهِ ... وَباغٍ عَليْهِ كانَ قاصِمَ صُلْبِهِ
وَيَوْمِ فَخارٍ قَدْ حَوى خَصْلَ مَجْدِه ... وَأَعْداؤُهُ فيما ادَّعاهُ كَحِزْبِهِ
هُوَ السَّيْفُ لا تَلْقاهُ إلاّ مُؤَهَّلاً ... لإَِيجابِ عِزٍّ قاهِرٍ أَوْ لِسَلْبِهِ
مِنَ الْقَوْمِ قادُوا الدَّهْرَ وَالدَّهْرُ جامِحٌفَراضوهُ حَتّى سَكَّنوا حَدَّ شَغْبِهِ
بِحارٌ إذا أَنْحَتْ لَوَازِبُ مَحْلِهِ ... جِبالٌ إذا هَبَّتْ زَعازِعُ نُكْبِهِ
إذا ما وَرَدْتَ الْعِزَّ يَوْماً بِنَصْرِهْمأَمَلَّكَ مِنْ رَشْفِ النَّميرِ وَعَبِّهِ
أَجابَكَ خَطِّيُّ الْوَشيجِ بِلُدْنهِ ... وَلَبّاكَ هِنْدِيُّ الْحَدِيدِ بِقُضْبِهِ
أُعيدَ لَهُمْ مَجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَمامَضى بِقَبيلِ الْمَجْدِ مِنْهُمْ وَشَعْبِهِ
بِأَرْوَعَ لا تَعْيا لَدَيْهِ بِمَطْلَبٍ ... سِوى شَكْلِهِ في الْعالَمِينَ وَضَرْبهِ
تُرَوِّضُ قَبْلَ الرَّوْضِ أَخْلاقُهُ الثَّرىوَتَبْعَثُ قَبْلَ السُّكْرِ سُكْراً لِشَرْبِه
وَتَفْخَرُ دارٌ حَلَّها بِمُقامِهِ ... وَتَشْرُفُ أَرْضٌ مَرَّ فيها بِرَكْبِهِ
وَلَمَّا دَعَتْهُ عَنْ دِمَشْقَ عَزيمَةٌ ... أَبى أَنْ يَخِلَّ الْبَدْرِ فِيها بِقُطْبِه
تَرَحَّلَ عَنْها فَهْيَ كاسِفَةٌ لَهُ ... وَعادَ إلَيْها فَهْيَ مُشْرِقَةٌ بِهِ