ومنها في وصف الترك وما سُبق إلى هذا المعنى:
وفتيةٍ من كُماة الترك ما تركت ... للرعد كبّاتهم صَوْتاً ولا صِيتا
قومٌ إذا قُوبلوا كانوا ملائكة ... حُسناً وإن قوتلوا كانوا عفاريتا
مُدّت إلى النهب أيديهم وأعينهم ... فزادهم قلق الأحداق تثبيتا
بدار قارون لو مرّوا على عجلٍ ... لبات من فاقةٍ لا يملك القوتا
بالحرص فَوَّتني دهري فوائده ... وكلما زدت حرصاً زاد تفويتا
حبلُ المنى مثل حبل الشمس، متصلاً ... يُرى، وإن كان عند اللمس مبتوتا
فلا تقل ليت صرف الدهر ساعدني ... فإنّ في لَيْتَ أَوْماً يقطع اللِيتا
وشاوِرِ السيف فيما أنت مُزْمعُه ... فالله نبّت منه العز تنبيتا
واحرّ قلباه من قوم سواسية ... لما دَعَوْني سُكَيْتاً ظِلْتُ سِكّيتا
والجهل لو كان عوداً يجتني ثمراً ... للعندليب لأمسى فوقه حوتا
دنيا اللئيم يدٌ في كفها بَرَصٌ ... وكل من لمسته صار ممقوتا
كُفْرٌ رجاؤك مَنْ لا فهمَ يَصْحَبُه ... كان الغبيّ لمن يرجوه طاغوتا
ما سامعٌ بيتَ شعرٍ ليس يفهمه ... إلا كطارق بَيْتٍ ما حوى بيتا
لا تفخرنّ بما جاد الزمان به ... ما كلّ من جاب مَرْتاً كان خِرّيتا
كم من بكور إلى إحراز مَنْقَبَةْ ... جَعَلْتَه لعُطاسِ الفجر تسميتا
بعزمة لو غدا كيوان حاسدها ... لبات في الفلك العلوي مكبوتا
يا خاطراً موته بالأمس أخرسني ... أُنْطِقْتَ بالحاجب الكافي وأُحييتا
أغناك عن كل مِنطيق، ولا عجب ... وُرُودُك البحرَ ينسيك الهراميتا
سلمان، سُلِّم، من عَزّت مطالبه ... بُعداً فخاف من الأعداء تبكيتا
مَنْ زيّن الوزراء الشُّمَّ مجتبياً ... وشرّف الرؤساء الغرّ منعوتا
في العلم والجسم لا تخفى زيادته ... فهل أعادت لنا الأيامُ طالوتا
أقلامه الشَمَع المرغوب فيه ضُحىً ... ما صافحتْ نارُه زَنْداً وكبريتا
أما ترى أن قطّ الرأس أصلحها ... فزاد جِرْمُ سناها بعد ما ليتا
وحسبها من ضياء نسجُها حُلَلاً ... من منطق لم يكن بالهُجْر مسحوتا
عبارة كزَليخا بهجةً، لقيت ... خطَّا كيوسف إذ قالت له هِيتا
كن يا أبا الفتح مفتاح النجاح لنا ... وصارماً في خطوب الدهر إصليتا
يا مَنْ هو البحر جوداً والأَضا نسباً ... جُدْلي بما شئت قد أدركت ما شيتا
وله من قصيدة في مدح الصاحب مكرم بكرمان وقد قصد التجنيس في أوله:
وُرود ركايا الدمع يكفي الركائبا ... وشَمُّ تراب الربع يَشْفي الترائبا
إذا شِمتَ من برق العقيق عقيقةً ... فلا تنتجع دون الجفون سحائبا
منازل أُنسٍ من رَبائب مازنٍ ... ألثَّ رَبابُ المزن فيهنّ ساكبا
ومرّتْ عليها البيضً والسود برهةً ... فَبّدَّلْنَها بالبيض أسودَ ناعبا
تفرّد واجتاب السواد فخلتُه ... من الزُّهد فيما يجمع الشمل، راهبا
حملنا من الأيام ما لا نُطيقه ... كما حمل العظمُ الكسيرُ العصائبا
وليلٍ رجونا أن يَدِبَّ عِذارُه ... فما اختط حتى صار بالفجر شائبا
فلا تحمَدِ الأيام فيما تفيده ... فما كان منها كاسياً كان سالبا
ومنها في صفة العيس:
وعيسٍ لها برهان عيسى بن مريمٍ ... إذا قتل الفَجُّ العميق المطالبا
يُرَقِّصهنَّ الآلُ إمّا طوافياً ... تراهُنَّ في آذيَهٍ أو رواسبا