قاطع، ثم إنه مخالف لما نقله المخالفون من إجماع الصحابة على قبول خبر الآحاد متى صحّ، ومع ذلك فلم ينقل عن أحد التفريق بين العقيدة وغيرها، ولم يرد عن أحد منهم أنه استظهر في غير أحاديث الأحكام.
والقول بعدم قبول خبر الآحاد في العقائد يستلزم ردّ السنة لندرة المتواتر، ولأن كلّ حكم شرعي عملي يقترن به عقيدة ولا بد، ترجع إلى الإيمان بأمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولولا أنه أخبرنا به في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لما وجب التصديق به والعمل به. ولذلك لم يجز لأحد أن يحرم أو يحلل بدون حجة من كتاب أو سنة، قال الله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} 1، فأفادت هذه الآية الكريمة أن التحريم والتحليل بدون إذن منه كذب على الله تعالى وافتراء عليه، فإذا كنا متفقين على جواز التحليل والتحريم بحديث الآحاد، وأننا به ننجوا من القول على الله فكذلك يجوز إيجاب العقيدة بحديث الآحاد، ولا فرق، ومن ادعى الفرق فعليه البرهان من كتاب الله وسنة رسوله، ودون ذلك خرط القتاد"2.