عليه لولم يرد واحد منهما، فنتركه ونأخذ بالآخر، لا يجوز غير هذا أصلاً. وبرهان ذلك أننا على يقين من أننا قد كنا على ما في ذلك الحديث الموافق لمعهود الأصل، ثم لزمنا يقيناً العمل بالأمر الوارد بخلاف ما كنا عليه بلا شك، فقد صح عندنا يقيناً إخراجنا عما كنا عليه، ثم لو لم يصحّ عندنا نسخ ذلك الأمر الزائد الوارد بخلاف معهود الأصل. ولا يجوز لنا أن نترك يقيناً بشك، ولا أن نخالف الحقيقة للظن، وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} 1.
وقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} 2. وقال تعالى ذاماً لقوم حاكمين بظنهم: {إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} 3. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن الظن أكذب الحديث" 4.
ولا يحل أن يقال فيما صح الورود به: هذا منسوخ إلا بيقين، ولا يحل أن يترك أمر قد تيقن وروده خوفاً أن يكون منسوخاً، ولا أن يقول