وجبت إجارتهن. ثم إن المرأة إذا أسلمت لم تصبح حلّا لزوجها المشرك فوجب التفريق بينه وبينها. وفي ذلك نزل قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (?)
وكذلك صدّقت الحادثات حكمة محمد وبعد نظره ودقّة سياسته، وأثبتت أنه إذا عقد عهد الحديبية وضع حجرا لا ينقض في سياسة الإسلام وانتشاره، وهذا هو الفتح المبين.
اطمأنّت العلاقات بعهد الحديبية بين قريش ومحمد أعظم الطمأنينة، وأمن كلّ جانب صاحبه. واتجهت قريش كلها إلى التوسع في تجارتها، لعلها تستعيد من طريقها ما فقد أيّام اتصال الحرب بين المسلمين وبينها، وحين سدّت عليها طريق الشام وأصبحت تجارتها معرّضة للضياع. أمّا محمد فاتجه بفكره إلى متابعة إبلاغ رسالته جميعا في مشارق الأرض ومغاربها، ووجّه نظره إلى تمهيد أسباب النجاح لطمأنينة المسلمين في شبه الجزيرة. وهذا وذاك هو ما صنع بإرسال الرسل إلى الملوك في مختلف الدول، وبإجلاء اليهود عن شبه جزيرة العرب إجلاء تامّا بعد غزوة خيبر.