قالوا: لمَّا رأت الروم - أي يوم وقعة تكريت - أنهم لا يخرجون خرجة إلا كانت عليهم ويُهزَمون في كل ما زاحفوهم؛ تركوا أمراءهم، ونقلوا متاعهم إلى السفن، وأقبلت العيون من تغلب وإياد والنَّمِر إلى عبد الله بن المُعْتَم بالخبر، وسألوه للعرب السِلم، وأخبروه قد استجابوا له، فأرسل إليهم إن كنتم صادقين بذلك فاشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقروا بما جاء من عند الله، ثم أعلمونا رأيكم، فرجعوا إليهم بذلك، فردوهم إليه بالإِسلام. فذكر القصة.
وأخرج ابن جرير من طريق سيف عن أبي عثمان عن خالد وعبادةَ رضي الله عنهما، قالا: خرج عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى مصر بعدما رجع عمر إلى المدينة، حتى انتهى إلى باب ألْيُون وأتبعه الزبير فاجتمعا رضي الله عنهما، فلقيهم هنالك أبو مريم - جاثِليق مصر - ومعه الأسقُف في أهل النيّات، بعثه المَقوقِس لمنع بلادهم. فلمّا نزل بهم عمرو رضي الله عنه قاتلوه، فأرسل إليهم: لا تعجلون لنعذِر إليكم وتَرْون رأيكم بعد؛ فكَفُّوا أصحابهم لأرسل إليهم عمرو: إنِّي بارز فليبرز إليّ أبو مريم وأبو مريام، فأجابوه إلى ذلك، وامن بعضهم بعضاً. فقال لهما عمرو: أنتما راهبا هذه البلدة فاسمعا: إنَّ الله عزّ وجلّ بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأمره به، وأمرنا به محمد صلى الله عليه وسلم وأدّى إلينا كل الذي أُمر به. ثم مضى - صلوات الله عليه ورحمته - وقد قضى الذي عليه وتركنا على الواضحة. وكان مما أمرنا به الإِعذارُ إلى الناس، فنحن ندعوكم إلى الإِسلام، فمن أجابنا إليه فمثلنا، ومن لم يجبنا عرضنا عليه الجزية، وبذلنا له