فركب الفارس جواده والشيخ يمضي راجلا أمامه وليس معه إلا المروحة وذلك في غاية الصيف. فقال ابن معمر لفارسه: "إذا أنت وصلت إلى أخيه يعقوب فاقتله عنده" فسار الفارس والشيخ أمامه وهو لا يلتفت فلما هَمَّ بقتله كف الله عنه يده وأبطل كيده وقذف في قلبه الرعب حتى ما استطاع أن يمشى قدما فحرف جواده وانصرف إلى العيينة. وقال لابن معمر: إنه أصابني رعب عظيم "1.

إن ما نسبه عثمان بن بشر المؤرخ النجدي إلى ابن معمر لا يتفق مع الواقع التاريخي، فالذين عاصروا الشيخ وكتبوا تاريخه في عهده لم يشيروا إلى هذه الحادثة من قريب أو بعيد، فالمؤرخ حسين بن غنام، تلميذ الشيخ ومؤلف تاريخ "روضة الأفهام" الذي عنِّي بسيرة الشيخ محمد وتاريخ حياته لم يشر إلى ما نسبه ابن بشر إلى ابن معمر، ولو كانت الحادثة صحيحة لكان ابن غنام أسبق إلى العلم بها من ابن بشر المتأخر الذي لم ير الشيخ ولم يتتلمذ عليه، بل إن ابن بشر نفسه رجع عن رواية هذه الحادثة وأبطلها مما يؤكد براءة عثمان بن معمر ما نسب إليه.

يقول ابن بشر: "واعلم رحمك الله أني قد ذكرت في المبيضة الأولى أشياء نقلت لي عن عثمان بن معمر وفرسانه وأنه أمر بقتل الشيخ في الطريق وغير ذلك، ثم تحقق عندي أن ليس لها أصل بالكلية فطرحتها من المبيضة"2. ومع أن ابن بشر أبطل روايته هذه إلا أن بعض المؤرخين ما زالوا يكتبون عن هذه الحادثة وكأنها حقيقة ثابتة بالرغم من أن راويها أبطلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015