الوارثين. ثم إنكم تشيعون كل يوم غاديًا ورائحًا، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صدع من الأرض، في شق صدع، ثم تتركوه غير ممهد ولا موسد، فارق الأحباب، وباشر التراب، ووجه للحاسب، مرتهن بما عمل، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم. فاتقوا الله وموافاته وحلول الموت بكم، أما والله إني لأقول هذا، وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي، وأستغفر الله، وما منكم من أحد يبلغنا حاجته لا يسع له ما عندنا إلا تمنيت أن يبدأ بي وبخاصتي، حتى يكون عيشنا وعيشه واحدًا، أما والله لو أردت غير هذا من غضارة العيش لكان اللسان به ذلولًا، وكنت بأسبابه عالمًا، ولكن سبق من الله كتاب ناطق، وسنة عادلة، دل فيها على طاعته، ونهى فيها عن معصيته ثم رفع طرف ردائه فبكى وأبكى من حوله. [الحلية (تهذيبه) 2/ 222].

* وعن محمد بن كعب قال: لما استُخلف عمر رحمه الله بعث إليَّ وأنا بالمدينة، فقدمت عليه، فلما دخلت عليه، جعلت أنظر إليه نظرًا لا أصرف بصري عنه تعجبًا، فقال: يا ابن كعب إنك لتنظر إليّ نظرًا ما كنت تنظره!! قال: قلت: تعجبًا، قال: ما أعجبك؟ قلت: يا أمير المؤمنين أعجبني ما حال من لونك، ونحل من جسمك، ونفش من شعرك، قال: فكيف لو رأيتني بعد ثلاث وقد دليت في حفرتي - أو قبري - وسالت حدقتاي على وجنتي، وسال منخري صديدًا ودمًا، كنت لي أشد نكرة. [الحلية (تهذيبه) 2/ 238].

* وقال صالح بن عبد الجليل رحمه الله: ذهب المطيعون لله بلذيذ العيش في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى لهم يوم القيامة: رضيتم بي بدلًا دون خلقي، وآثرتموني على شهواتكم في الدنيا، فعندي اليوم فباشروها، فلكم اليوم عندي تحياتي وكرامتي، فبي فافرحوا، وبقربي فتنعموا، فوعزتي وجلالي ما خلقت الجنات إلا من أجلكم. [الحلية (تهذيبه) 3/ 180].

* وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: قرأت في بعض الكتب يقول الله - عزَّ وجلَّ -: بعيني ما يتحمل المتحملون من أجلي، ويكابد المكابدون في طلب مرضاتي، فكيف بهم وقد صاروا في جواري، وتبحبحوا في رياض خلدي، فهنالك فليبشر المصغون إلى أعمالهم بالنظر العجيب من الحبيب القريب، ترون أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015