فلا تجزع إذا أعسرت يومًا ... فقد أيسرت في الزمن الطويل
ولا تيأس فإن اليأس كفر ... لعل الله يغني عن قليل
ولا تظنن بربك ظن سوء ... فإن الله أولى بالجميل
قال: فخرجت من عنده وأنا أغنى الناس. [موسوعة ابن أبي الدنيا 2/ 145].
* وقال جعفرُ بن وَرْقاء الأمير رحمه الله: اجتزتُ بابن الجصاص وكان مصاهري، فرأيتُه على حوش داره حافيًا حاسرًا، يعدو كالمجنون، فلما رآني استحيى، فقلت: مالك؟ قال: يحقُّ لي، أخذوا مني أمرًا عظيمًا، فلُمتُه وقلت: ما بقي يكفي، وإنما يقلقُ هذا القلقَ من يخافُ الحاجة، فاصبر حتى أُبيِّنَ لك غناك. قال: هات. قلت: أليس دارك هذه بآلتها وفُرُشها لك؟ وعقارك بالكَرْخِ وضِياعُك؟ قال: بلى. فما زلت أحاسبُه حتى بلغَ قيمة سبع مئة ألف دينار، ثم قلت: واصدُقْني عما سلم لك، فحسَبْناه، فإذا هو بثلاث مئة ألف دينار، قلت: فمن له ألف ألف دينار ببغداد؟! هذا وجاهُك قائم. فلمَ تغتمّ؟ فسجد لله وحمده وبكى، وقال: أنقذني الله بك، ما عزّاني أحد بأنفع من تعزيتك ما أكلتُ شيئًا منذ ثلاث، فأقِم عندي لنأكلَ ونتحدّث، فأقمت عنده يومين. [السير (تهذيبه)].
* وقال أحمد بن مهدي رحمه الله: جاءتني امرأة ببغداد ليلة من الليالي، فذكرت أنها من بنات الناس وأنها امتحنت بمحنة، وقالت: أسألك بالله أن تسترني، فقلت: وما محنتك؟ قالت: أكرهت على نفسي وأنا حبلى، وذكرت للناس أنك زوجي، وأن ما بي من الحبل منك فلا تفضحني، استرني سترك الله - عزَّ وجلَّ - فسكت عنها ومضت فلم أشعر حتى وضعت، وجاء إمام المحلة في جماعة من الجيران يهنئوني بالولد، فأظهرت لهم التهلل ووزنت في اليوم الثاني دينارين ودفعتهما إلى الإمام، فقلت: ادفع هذا إلى تلك المرأة لتنفقه على المولود فإنه سبق ما فرق بيني وبينها، وكنت أدفع في كل شهر إليها دينارين على يد الإمام، وأقول: هذه نفقة المولود، إلى أن أتى على ذلك سنتان، ثم توفي المولود فجاءني الناس يعزونني، فكنت أظهر لهم التسليم والرضا، فجاءتني المرأة ليلة من الليالي بعد شهر ومعها تلك الدنانير التي كنت أبعث لها بيد الإمام فردتها، وقالت: سترك الله - عزَّ وجلَّ - كما سترتني، فقلت: