وهو يأكل خبزًا يابسًا قد بلّه في الماء بمِلْح جَرِيش، فقال له: كيف تشتهي هذا! قال: أدعُه حتّى أشتهيه. [عيون الأخبار 2/ 731].

* وعن سعيد بن أبي عروبة قال: حجّ الحَجَّاج فنزل بعض المياه بين مكة والمدينة ودعا بالغَداءِ، فقال لحاجبه: انظر من يتغدّى معي وأسأله عن بعض الأمر، فنظر نحو الجبل، فإذا هو بأعرابيّ بين شملتَين من شعرٍ، نائم، فضربه برجله وقال: إيت الأمير، فأتاه فقال له الحَجّاج: اغسل يَدَيْك وتغدَّ معي، فقال: إنه دعَاني من هو خيرٌ منك فأجبتُه. قال: ومَن هو؟ قال: الله تبارك وتعالى، دعاني إلى الصوم فصُمت. قال: في هذا الحرّ الشديد؟ قال: نعم صُمت ليومٍ أشدّ حرًا من هذا اليوم. قال: فأفطِر وصُمْ غدًا. قال: إن ضَمِنْتَ لي البقاء إلى غدٍ. قال: ليس ذاك إليَّ. قال: فكيف تسألني عاجلًا بآجل لا تقدِر عليه؟ قال: إنه طعام طيّب، قال: لم تطيّبه أنت ولا الطباخ، إنما طيبته العافية. [صفة الصفوة 4/ 552].

* وحكى حَرْمَلةُ بن يحيى أن سفيان بن عُيينةَ رحمه الله قال له - وأراه خبزَ شعير -: هذا طعامي منذ ستين سنة. [السير (تهذيبه) 2/ 783].

* وعن أبي عبد الله الخواص، قال: دخلت مع أبي عبد الرحمن حاتم الأصم رحمه الله الري، نريد الحج، فدخلنا على رجل من التجار متنسك يحب المتقشفين، فأضافنا تلك الليلة.

فلما كان من الغد قال لحاتم: يا أبا عبد الرحمن لك حاجة؟ فإني أريد أن أعود فقيهًا لنا هو عليل، فقال حاتم: إن كان لكم فقيه عليل فعيادة الفقيه لها فضل، والنظر إلى الفقيه عبادة (?)، وأنا أيضا أجئ معك - وكان العليل محمد بن مقاتل قاضي الري - فقال: سر بنا يا أبا عبد الرحمن.

فجاؤوا إلى الباب فإذا باب مشرف حسن، فبقي حاتم متفكرًا: باب عالم على هذه الحال؟، ثم أذن لهم فدخلوا فإذا دار حسناء، وإذا أمتعة وستور وجمع، فبقي حاتم متفكرًا، ثم دخل إلى المجلس الذي هو فيه، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015